معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الجن

مكية وآياتها ثمان وعشرون

{ قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن } وكانوا تسعة من جن نصيبين . وقيل سبعة استمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا خبرهم في سورة الأحقاف ، { فقالوا } لما رجعوا إلى قومهم : { إنا سمعنا قرآناً عجباً } قال ابن عباس : بليغاً ، أي : قرآناً ذا عجب يعجب منه لبلاغته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيّ أَنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ الْجِنّ فَقَالُوَاْ إِنّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيَ إِلَى الرّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَلَن نّشرِكَ بِرَبّنَآ أَحَداً * وَأَنّهُ تَعَالَىَ جَدّ رَبّنَا مَا اتّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } .

يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد أوحى الله إليّ أنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ هذا القرآن فَقالُوا لقومهم لما سمعوه إنّا سَمِعْنا قُرْآنا عَجَبا يَهْدِي إلى الرّشْدِ يقول : يدلّ على الحقّ وسبيل الصواب فآمَنّا بِهِ يقول : فصدّقناه وَلَن نُشْرِكَ برَبّنا أحَدا من خلقه .

وكان سبب استماع هؤلاء النفر من الجنّ القرآن ، كما :

حدثني محمد بن معمر ، قال : حدثنا أبو هشام ، يعني المخزومي ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قال : ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنّ ولا رآهم انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه ، عامدين إلى سوق عكاظ ، قال : وقد حِيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأُرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم ؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأُرسلت علينا الشهب ، فقالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث ، قال : فانطلقوا فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حدث ، قال : فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها ، يتتبعون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر المساء قال : فانطلق النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة ، وهو عامد إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر قال : فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء قال : فهنالك حين رجعوا إلى قومهم ، فقالوا : يا قومنا إنا سَمِعْنا قرآنا عَجَبا يَهْدِي إلى الرّشْدِ فآمَنّا بِه وَلَنْ نُشْركَ بِرَبّنا أحَدا قال : فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : قُلْ أُوْحِيَ إليّ أنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ وإنما أوحي إليه قول الجنّ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ورقاء ، قال : قدم رهط زوبعة وأصحابه مكة على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسمعوا قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ثم انصرفوا ، فذلك قوله : وَإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرا مِنَ الجِن يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمّا حَضَرُوه قالُوا أنْصِتُوا قال : كانوا تسعة فيهم زوبعة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : قُلْ أُوْحِيَ إليّ أنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ هو قول الله وإذ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرا مِنَ الجِنّ لم تُحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم حرست السماء الدنيا ، ورُميت الشياطين بالشهب ، فقال إبليس : لقد حدث في الأرض حدث ، فأمر الجنّ فتفرّقت في الأرض لتأتيه بخبر ما حدث . وكان أوّل من بُعث نفر من أهل نصِيبين وهي أرض باليمن ، وهم أشراف الجنّ وسادتهم ، فبعثهم إلى تهامة وما يلي اليمن ، فمضى أولئك النفر ، فأتوا على الوادي وادي نخلة ، وهو من الوادي مسيرة ليلتين ، فوجدوا به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الغداة فسمعوه يتلو القرآن فلما حضروه ، قالوا : أنصتوا ، فلما قُضِيَ ، يعني فُرِغ من الصلاة ، وَلّوْا إلى قومهم منذرين ، يعني مؤمنين ، لم يعلم بهم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشعر أنه صُرِف إليه ، حتى أنزل الله عليه : قُلْ أُوْحِيَ إليّ أنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الجن مكية وآيها ثمان وعشرون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم قل أوحي إلي وقرىء أحي وأصله وحى من وحى إليه فقلبت الواو همزة لضمتها ووحى على الأصل وفاعله أنه استمع نفر من الجن والنفر ما بين الثلاثة إلى العشرة و الجن أجسام عاقلة خفية يغلب عليهم النارية أو الهوائية وقيل نوع من الأرواح المجردة وقيل نفوس بشرية مفارقة عن أبدانها وفيه دلالة على أنه عليه الصلاة والسلام ما رآهم ولم يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر الله به رسوله فقالوا لما رجعوا إلى قومهم إنا سمعنا قرآنا كتابا عجبا بديعا مباينا لكلام الناس في حسن نظمه ودقة معناه وهو مصدر وصف به للمبالغة .