قوله تعالى : { قال } ، لهن ، { ما خطبكن } ، ما شأنكن وأمركن ، { إذ راودتن يوسف عن نفسه } ، خاطبهن والمراد امرأة العزيز ، وقيل : إن امرأة العزيز راودته عن نفسه وسائر النسوة أمرنه بطاعتها فلذلك خاطبهن . { قلن حاش لله } معاذ الله ، { ما علمنا عليه من سوء } ، خيانة . { قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق } ظهر وتبين . وقيل : إن النسوة أقبلن على امرأة العزيز فقررنها فأقرت ، وقيل : خافت أن يشهدن عليها فأقرت . { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } ، في قوله : هي راودتني عن نفسي .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ مَا خَطْبُكُنّ إِذْ رَاوَدتُنّ يُوسُفَ عَن نّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوَءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الاَنَ حَصْحَصَ الْحَقّ أَنَاْ رَاوَدْتّهُ عَن نّفْسِهِ وَإِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ } .
وفي هذا الكلام متروك قداستغني بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وهو : فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته ، فدعا الملك النسوة اللاتي قطّعن أيديهن وامرأة العزيز ، فقال لهنّ : ما خَطْبُكُنّ إذْ رَاوَدْتُنّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ؟ كالذي :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : فلما جاء الرسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه جميع النسوة وَقالَ ما خَطْبُكُنّ إذْ رَاوَدْتُنّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ .
ويعني بقوله : ما خَطْبُكُنّ ما كان أمركنّ ، وما كان شأنكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه ، فأجبنه : فَقُلْنَ حاشَ لِلّه مَا عَلِمْنا علَيْهِ مِنْ سُوءٍ ، قالَتِ امْرأةُ العَزِيزِ الاَنَ حَصْحَص الحَقّ تقول : الاَن تبين الحقّ وانكشف فظهر ، أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وإن يوسف لمن الصادقين في قوله هِيَ رَاوَدَتْني عَنْ نَفْسِي .
وبمثل ما قلنا في معنى : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال : تبين .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ تبين .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ الاَن تبين الحق .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال : تبين .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ قال : تبين .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قالت راعيل امرأة إطفير العزيز : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ : أي الاَن برز الحقّ وتبين ، أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ فيما كان قال يوسف مما ادّعت عليه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : قال الملك : ائتوني بهنّ ، فقال : ما خَطْبُكُنّ إذْ رَاوَدْتُنّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهَ مِنْ سُوءٍ . ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنا راودته عن نفسه ، ودخل معها البيت وحلّ سراويله ثم شدّه بعد ذلك ، فلا تدري ما بدا له . فقال امرأة العزيز : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : الاَنَ حَصْحَصَ الحَقّ تبين .
وأصل حصحص : حَصّ ولكن قيل : حصحص ، كما قيل : فكُبْكِبُوا في «كُبوا » ، وقيل : «كفكف » في «كفّ » ، و«ذْرذَر » في «ذَرّ » . وأصل الحصّ : استئصال الشيء ، يقال منه : حَصّ شعره : إذا استأصله جزّا . وإنما أريد في هذا الموضع : حصحص الحقّ : ذهب الباطل والكذب ، فانقطع ، وتبين الحقّ فظهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.