معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

{ ما أنت بنعمة } بنبوة . { ربك بمجنون } هو جواب لقولهم { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون }( الحجر- 6 ) فأقسم الله بالنون والقلم وما يكتب من الأعمال فقال : { ما أنت بنعمة ربك } بنبوة ربك ، { بمجنون } هذا جواب القسم أي : إنك لا تكون مجنونا وقد أنعم الله عليك بالنبوة والحكمة . وقيل : بعصمة ربك . وقيل : هو كما يقال : ما أنت بمجنون والحمد لله . وقيل : معناه ما أنت بمجنون والنعمة لربك ، كقولهم : سبحانك اللهم وبحمدك ، أي : والحمد لك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

وجواب القسم قوله : { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } .

أي : وحق القلم الذي يكتب به الكاتبون من مخلوقاتنا المتعددة ، إنك - أيها الرسول الكريم - لمبرأ مما اتهمك به أعداؤك من الجنون ، وكيف تكون مجنونا وقد أنعم الله - تعالى - عليك بالنبوة والحكمة .

فالمقصود بالآيات الكريمة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المشركين ، ودفع تهمهم الباطلة دفعا يأتي عليها من القواعد فيهدمها ، وإثبات أنه رسول من عنده - تعالى - .

وأقسم - سبحانه - بالقلم ، لعظيم شرفه ، وكثرة منافعه ، فبه كتبت الكتب السماوية ، وبه تكتب العلوم المفيدة . . وبه يحصل التعارف بين الناس . .

وصدق الله إذ يقول : { اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم . الذى عَلَّمَ بالقلم . عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ } قال القرطبى : أقسم - سبحانه - بالقلم . لما فيه من البيان كاللسان . وهو واقع على كل قلم مما يكتب به من في السماء ومن في الأرض ، ومنه قول أبى الفتح البستى :

إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم . . . وعدُّوه مما يُكْسِبُ المجد والكرَمْ

كفى قلم الكتاب عزا ورفعة . . . مدى الدهر أن الله أقسم بالقلَمْ

والضمير في قوله : { يَسْطُرُونَ } راجع إلى غير مذكور في الكلام ، إلا أنه معلوم للسامعين ، لأن ذكر القلم يدل على أن هناك من يكتب به .

ونفى - سبحانه - عنه صلى الله عليه وسلم الجنون بأبلغ أسلوب ، لأن المشركين كانوا يصفونه بذلك ، قال - تعالى - . { وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ الذكر وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } قال الآلوسي : قوله : { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } . جواب القسم ، والباء الثانية مزيدة لتأكيد النفي . ومجنون خبر ما ، والباء الأولى للملابسة ، والجار والمجرور في موضع الحال من الضمير في الخبر ، والعامل فيها معنى النفي .

والمعنى : انتفى عنك الجنون في حال كونك ملتبسا بنعمة ربك أي : منعما عليك بما أنعم من حصافة الرأي ، والنبوة . .

وفي إضافته صلى الله عليه وسلم إلى الرب - عز وجل - مزيد إشعار بالتسلية والقرب والمحبة . ومزيد إشعار - أيضا - بنفي ما افتراه الجاهلون من كونه صلى الله عليه وسلم مجنونا ، لأن هذه الصفة لا تجتمع في عبد أنعم الله - تعالى - عليه ، وقربه ، واصطفاه لحمل رسالته وتبليغ دعوته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

ما أنت بنعمة ربك بمجنون جواب القسم ، والمعنى ما أنت بمجنون منعما عليك بالنبوة وحصافة الرأي . والعامل في الحال معنى النفي ، وقيل بمجنون الباء لا تمنع عمله فيما قبله ، لأنها مزيدة وفيه نظر من حيث المعنى .