الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

فإن قلت : بم يتعلق الباء في { بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } وما محله ؟ قلت : يتعلق بمجنون منفياً ، كما يتعلق بعاقل مثبتاً في قولك : أنت بنعمة الله عاقل ، مستوياً في ذلك الإثبات والنفي استواءهما في قولك : ضرب زيد عمراً ، وما ضرب زيد عمراً : تعمل الفعل مثبتاً ومنفياً إعمالاً واحداً ؛ ومحله النصب على الحال ، كأنه قال : ما أنت بمجنون منعماً عليك بذلك ؛ ولم تمنع الباء أن يعمل مجنون فيما قبله ، لأنها زائدة لتأكيد النفي . والمعنى ؛ استبعاد ما كان ينسبه إليه كفار مكة عداوة وحسداً ، وأنه من إنعام الله عليه بحصافة العقل والشهامة التي يقتضيها التأهيل للنبوّة بمنزلة .