معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

قوله تعالى : { وهم يصطرخون } يستغيثون ويصيحون ، { فيها } وهو : افتعال ، من الصراخ ، وهو الصياح ، يقولون : { ربنا أخرجنا } من النار ، { نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل } في الدنيا من الشرك والسيئات ، فيقول الله لهم توبيخاً : { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } قيل : هو البلوغ ، وقال عطاء وقتادة والكلبي : ثمان عشرة سنة . وقال الحسن : أربعون سنة . وقال ابن عباس : ستون سنة ، ويروي ذلك عن علي ، وهو العمر الذي أعذر الله تعالى إلى ابن آدم .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا ابن يوسف أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا عبد السلام بن مطهر ، حدثنا عمر بن علي ، عن معز بن محمد الغفاري ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أعذر الله تعالى إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنبأنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا إبراهيم بن سهلويه ، حدثنا الحسن بن عرفة ، أنبأنا المحاربي عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين " . وأقلهم من يجوز ذلك . قوله { وجاءكم النذير } يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم ، هذا قول أكثر المفسرين . وقيل : القرآن . وقال عكرمة ، وسفيان بن عيينة ، ووكيع : هو الشيب . معناه أولم نعمركم حتى شبتم . ويقال : الشيب نذير الموت . وفي الأثر : ما من شعرة تبيض إلا قالت لأختها : استعدي فقد قرب الموت " . { فذوقوا فما للظالمين من نصير*إن الله عالم غيب السموات والأرض غنه عليم بذات الصدور* }