غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

1

و{ يصطرخون } يفتعلون من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدّة كشأن المستغيث . وفائدة قوله { غير الذي كنا نعمل } زيادة التحسر على ما عملوه من غير الصالح ، أو المراد نعمل صالحاً غير الذي كنا نحسبه صالحاً لأنهم كانوا يحسبون أنهم يحسنون . وفيه إشارة إلى أنهم في الآخرة أيضاً ضالون لم يهدهم الله في الآخرة كما لم يهدهم في الدنيا ، ولو كانوا مهتدين لقالوا : ربنا زدت للمحسنين حسنات بفضلك لا بعملهم ونحن أحوج إلى تخفيف العذاب منهم إلى تضعيف الثواب فافعل بنا ما أنت أهله نظراً إلى فضلك ، ولا تفعل بنا ما نحن أهله نظراً إلى عدلك ، وانظر إلى مغفرتك الهاطلة ولا تنظر إلى معذرتنا الباطلة . وهذا بخلاف حال المؤمن هداه في العقبى كما هداه في الدنيا حتى دعاه بأقرب دعاء إلى الإجابة ، وأثنى عليه بأطيب ثناء عند الإنابة فقالوا { الحمد لله } وقالوا { إن ربنا لغفور } اعترافاً بتقصيرهم { شكور } إقراراً بوصول ما لم يخطر ببالهم إليهم وأحالوا الكل إلى فضله تصريحاً بأنه لا عمل لهم بالنسبة إلى بحار نعمه . قوله { أولم نعمركم } استفهام فيه توبيخ وإفحام وهو متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه إلا أن التوبيخ في العمر الطويل أعظم . عن النبي صلى الله عليه وسلم " العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة " وروي " من جاوز الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار " وعن مجاهد : ما بين العشرين إلى الستين . وقيل : ثماني عشرة وسبع عشرة . وقوله { وجاءكم } معطوف على المعنى كأنه قيل : قد عمرناكم وجاءكم { النذير } وهو النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : الشيب . فبين بالجملتين أن القابل موجود والفاعل حاصل ، فالعذر غير مقبول { فذوقوا } العذاب { فما للظالمين } الذين وضعوا أعمالهم في غير موضعها وأتوا بالمعذرة في غير وقتها { من نصير } نفى الأنصار والناصرين في آخر " آل عمران " وفي " الروم " ووحد ههنا كأنهم في النار قد أيسوا من كثير ممنم كانوا يتوقعون منهم النصرة إلا من نصير واحد وهو الله سبحانه .

/خ1