مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } يستغيثون فهو يفتعلون من الصراخ وهو الصياح بجهد ومشقة ، واستعمل في الاستغاثة لجهر صوت المستغيث { رَبَّنَا } يقولون ربنا { أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صالحا غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ } أي أخرجنا من النار ردنا إلى الدنيا نؤمن بدل الكفر ونطع بعد المعصية فيجاوبون بعد فدر عمر الدنيا { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } يجوز أن يكون «ما » نكرة موصوفة أي تعميراً يتذكر فيه من تذكر وهو متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه وإن قصر ، إلا أن التوبيخ في المتطاول أعظم .

ثم قيل : هو ثمان عشرة سنة . وقيل : أربعون . وقيل : ستون سنة { وَجَاءكُمُ النذير } الرسول عليه السلام أو المشيب وهو عطف على معنى { أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ } لأن لفظه لفظ استخبار ومعناه إخبار كأنه قيل : قد عمرناكم وجاءكم النذير { فَذُوقُواْ } العذاب { فَمَا للظالمين مِن نَّصِيرٍ } ناصر يعينهم .