النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

قوله عز وجل : { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } قال ابن جريج : وهم يستغيثون فيها { رَبَّنَا أخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } أي نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية .

{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } فيه خمسة أقاويل :

أحدها : أنه البلوغ ، قاله الحسن لأنه أول زمان التذكر{[2286]} .

الثاني : ثماني عشرة سنة .

الثالث : أربعون سنة ، قاله ابن عباس ومسروق .

الرابع : ستون سنة ، قاله علي بن أبي طالب مرفوعاً .

الخامس{[2287]} : سبعون سنة لأنه آخر زمان التذكر ، وما بعده هرم . روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إلَى عَبدٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتّىَ بلَغَ سِتِيّنَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً{[2288]} " .

قوله عز وجل : { وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن زيد .

الثاني : الشيب ، حكاه الفراء والطبري .

{ فَذُوقُواْ } يحتمل وجهين :

أحدهما : حسرة الندم .

الثاني : عذاب جهنم .

الثالث : الحمى .

الرابع : موت الأهل والأقارب .

ويحتمل خامساً : أنه كمال العقل .


[2286]:في ك تذكر بالتفكير.
[2287]:هذا القول والذي قبله جديران بالاختيار لورود فيهما وقد رجحها القرطبي في تفسيره
[2288]:رواه البخاري في الرفاق 11/ 204، والترمذي في الزهد رقم 2332 وابن ماجه في الزهد أيضا رقم 4236.