{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } من الصراخ وهو الصياح ، أي وهم يستغيثون في النار رافعين أصواتهم والصارخ المستغيث : { رَبَّنَا } أي يقولون ربنا ، أو قائلين ربنا وقال مقاتل : إنهم ينادون ربنا .
{ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ } عملا { صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } من الشرك والمعاصي فنجعل الإيمان منا بدل ما كنا عليه من الكفر ، والطاعة بدل المعصية ، قيل وزيادة قوله غير الذي كنا نعمل للتحسر على ما عملوه من غير الأعمال الصالحة مع الاعتراف منهم بأن أعمالهم في الدنيا كانت غير صالحة فأجاب الله عليهم بقوله :
{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، والواو للعطف على مقدر كما في نظائره وما نكرة موصوفة أي أو لم نعمركم عمرا يتمكن من التذكر فيه من تذكر ، فقيل : هو ستون سنة وقيل : أربعون وقيل : ثماني عشرة سنة ، قال بالأول : جماعة من الصحابة . ومنهم ابن عباس وبالثاني : الحسن ومسروق وغيرهما ، وبالثالث : عطاء وقتادة .
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء الستين ؟ وهو العمر الذي قال الله : ( أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ) ، وفي إسناده إبراهيم بن الفضل المخزومي . وفيه مقال .
وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعذر الله إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة ) ، وعن سهل بن سعيد مرفوعا نحوه أخرجه عبد بن حميد والطبراني والحاكم ، وعن علي بن أبي طالب قال : العمر الذي غيرهم الله به ستون سنة .
وأخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم وابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك ) . قال الترمذي بعد إخراجه : حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وعن ابن عباس في هذه الآية : هو ست وأربعون سنة ، وعنه قال : العمر الذي أعذر الله إلى ابن آدم فيه بقوله : أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ؟ أربعون سنة .
{ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ } قال الواحدي قال جمهور المفسرين : هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال عكرمة وسفيان بن عيينة ووكيع والحسن بن الفضل والفراء وابن جرير : هو الشيب ويكون معناه على هذا القول : أو لم نعمركم حتى شبتم وقيل هو القرآن ، وقيل الحمى قال الأزهري معناه أن الحمى رسول الموت أي كأنها تشعر بقدومه وتنذر بمجيئه والشيب نذير أيضا ، لأنه يأتي في سن الاكتهال ، وهو علامة لمفارقة سن الصبا الذي هو سن اللهو واللعب ، وقيل : هو موت الأهل والأقارب ، وقيل : هو كمال العقل ، وقيل : البلوغ .
{ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } الفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما قبلها من التعمير ، ومجيء النذير ، وفي ( فما ) للتعليل أي فذوقوا عذاب جهنم لأنكم لا تعتبروا ولم تتعظوا فما لكم ناصر يمنعكم من عذاب الله ، ويحول بينكم وبينه قال مقاتل : فذوقوا فما للمشركين من مانع يمنعهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.