{ وهم } أي : فعل ذلك بهم والحال أنهم { يصطرخون فيها } أي : يوجدون الصراخ فيها بغاية ما يقدرون عليه من الجهد في الصياح من البكاء والتوجع يقولون { ربنا } أي : أيها المحسن إلينا { أخرجنا } أي : من النار { نعمل صالحاً } ثم فسروه وبينوه بقولهم { غير الذي كنا نعمل } في الدنيا ، فإن قيل : هلا اكتفى بقولهم { نعمل صالحاً } كما اكتفى به في قولهم { فارجعنا نعمل صالحاً } ( السجدة : 12 ) وما فائدة زيادة { غير الذي كنا نعمل } على أنه يوهم أنهم يعملون صالحاً آخر غير الصالح الذي عملوه ؟ أجيب : بأن فائدته زيادة التحسر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به وأما الوهم فزائل بظهور حالهم في الكفر وظهور المعاصي ، ولأنهم كانوا يحسبون أنهم على سيرة صالحة كما قال تعالى { وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً } ( الكهف : 104 )
فقالوا : أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نحسبه صالحاً فنعمله ، فيقال لهم توبيخاً وتقريعاً : { أو لم نعمركم } أي : نطل أعماركم مع إعطائنا لكم العقول ولم نعاجلكم بالأخذ .
{ ما } أي : زماناً { يتذكر فيه من تذكر } قال عطاء وقتادة والكلبي : ثماني عشرة سنة وقال الحسن : أربعون سنة وقال ابن عباس : ستون سنة ، وروي ذلك عن علي ، وروى البزار أنه صلى الله عليه وسلم قال : «العمر الذي أعذر الله تعالى فيه إلى ابن آدم ستون سنة » وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : «من عمرّه الله ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر » وروى الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين » وأقلهم من يجوز ذلك .
وقوله تعالى : { وجاءكم النذير } عطف على { أو لم نعمركم } لأنه في معنى قد عمرناكم كقوله { ألم نربّك } ( الشعراء : 18 ) ثم قال { ولبثت } وقال تعالى { ألم نشرح لك صدرك } ( الشرح : 1 ) ثم قال تعالى { ووضعنا عنك وزرك } ( الشرح : 2 ) إذ هما في معنى ربيناك وشرحنا ، واختلف في النذير فقال الأكثرون : هو محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : القرآن ، وقال عكرمة وسفيان بن عيينة ووكيع : هو الشيب ، والمعنى : أو لم نعمركم حتى شبتم ويقال : الشيب نذير الموت ، وفي الأثر ما من شعرة تبيض إلا قالت لأختها : استعدي فقد قرب الموت .
ولما تسبب عن ذلك أن عذابهم لا ينفك قال تعالى : { فذوقوا } أي : ما أعددناه لكم من العذاب دائماً أبداً { فما للظالمين } أي : الذين وضعوا أعمالهم وأقوالهم في غير موضعها { من نصير } أي : في وقت الحاجة حتى يرفع العذاب عنهم قال البقاعي وهذا عام في كل ظالم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.