الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

ثم قال تعالى : { وهم يصطرخون فيها } أي : يستغيثون فيها ويضجون{[56255]} ، يسألون الرجعة إلى الدنيا ليعملوا صالحا ، فيقال لهم : { أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } .

قال ابن عباس : هو أربعون سنة أعذر الله فيه لابن آدم{[56256]} ، وقاله مجاهد{[56257]} .

وقال مسروق{[56258]} : إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من الله جل ثناؤه{[56259]} .

وقيل : وهو ثماني عشر سنة{[56260]} .

وعن ابن عباس أيضا : إنها ستون سنة{[56261]} ، وهو قول علي بن أبي طالب{[56262]} .

وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة نودي أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله تعالى ذكره : أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " {[56263]} .

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقد أعذر الله في العمر إلى صاحب الستين سنة والسبعين " {[56264]} .

ثم قال : { وجاءكم النذير } .

قال ابن زيد : هو محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ{[56265]} : { هذا نذير من النذر الأولى{[56266]} } وقيل : هو الشيب{[56267]} .

والمعنى عمرتهم هذا العمر فلم تتعظوا ولم تعملوا ولم تؤمنوا .

ثم قال : { فذوقوا } أي : عذاب جهنم .

{ فما للظالمين من نصير } أي : ما لهم من ينصرهم من عذاب الله فيستنقذهم منه .


[56255]:يضجون: من الضجيج وهو: الصياح عند المكروه والمشقة والجزع. انظر: اللسان مادة ضجج 2/312
[56256]:انظر: جامع البيان 22/141 والمحرر الوجيز 13/178 والجامع للقرطبي 14/353 وتفسير ابن كثير 3/559
[56257]:انظر: جامع البيان 22/141، وتفسير ابن كثير 3/559
[56258]:هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، أبو عائشة تابعي ثقة من أهل اليمن قدم المدينة في أيام أبي بكر. روى عن أبي بكر وعلي وعائشة ومعاذ، وروى عنه الشعبي والنخعي وغيرهما توفي سنة 63 هـ انظر: صفة الصفوة 3/24، والإصابة 3/492 ، 8406 وتقريب التهذيب 2/242 (1055)
[56259]:انظر: جامع البيان 22/141 والمحرر الوجيز 13/178 والجامع للقرطبي 14/353، وتفسير ابن كثير 3/559
[56260]:انظر: الكشاف للزمخشري 3/616
[56261]:انظر: جامع البيان 22/141 وتفسير سفيان الثوري 247 والجامع للقرطبي 14/353، وتفسير ابن كثير 3/559 والدر المنثور 7/31
[56262]:انظر: الدر المنثور 7/31
[56263]:أورده الهيثمي في مجمع الزوائد: كتاب التفسير تفسير سورة فاطر 7/100 وعلاء الدين علي المتقي في كنز العمال 2924 والطبري في جامع البيان 22/142، وابن عطية في المحرر الوجيز 13/179 والقرطبي في الجامع 14/353
[56264]:أخرجه أحمد في مسنده 2/405 والحاكم في مستدركه 2/428، وأورده الطبري في جامع البيان 22/142 مع اختلاف يسير في اللفظ
[56265]:انظر: جامع البيان 22/142، والدر المنثور 7/32
[56266]:النجم: آية 55
[56267]:هو قول ابن عباس وعكرمة وأبي جعفر الباقر وقتادة وسفيان بن عيينة ووكيع والحسين بن الفضل انظر: الجامع للقرطبي 14/353 وتفسير ابن كثير 3/561