سورة الكهف وقيل إلا قوله { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } الآية وهي مائة وإحدى عشرة آية .
{ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } يعني القرآن ، رتب استحقاق الحمد على إنزاله تنبيها على أنه أعظم نعمائه ، وذلك لأنه الهادي إلى ما فيه كمال العباد والداعي إلى ما به ينتظم صلاح المعاش والمعاد . { ولم يجعل له عوجا } شيئا من العوج باختلال في اللفظ وتناف في المعنى ، أو انحراف من الدعوة إلى جانب الحق وهو في المعاني كالعوج في الأعيان .
سورة الكهف . هذه السورة مكية في قول جميع المفسرين وروي عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله ' جزرا ' والأول أصح وهي أفضل سور القرآن وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بسورة ( ملأ ){[1]} عظمها ما بين السماوات والأرض ولمن جاء بها من الأجر مثل ذلك ؟ قالوا : أي سورة هي يا رسول الله ؟ قال سورة الكهف من قرأ بها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام . وفي رواية أنس :ومن قرأ بها أعطي نورا بين السماء والأرض ووقي بها فتنة القبر{[2]} .
كان حفص عن عاصم يسكت عند قوله { عوجا } سكتة خفيفة ، وعند { مرقدنا } [ ص : 52 ] في سورة يس{[7739]} ، وسبب هذه البدأة في هذه السورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألته قريش عن المسائل الثلاث ، الروح ، والكهف ، وذي القرنين ، حسبما أمرتهم بهن يهود ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غداً أخبركم ، بجواب سؤالكم ، ولم يقل إن شاء الله ، فعاتبه الله عز وجل بأن استمسك الوحي عنه خمسة عشر يوماً ، فأرجف به كفار قريش ، وقالوا : إن محمداً قد تركه ربه الذي كان يأتيه من الجن ، وقال بعضهم : قد عجز عن أكاذيبه إلى غير ذلك ، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ منه ، فلما انقضى الأمد الذي أراد الله عتاب محمد إليه ، جاءه الوحي من الله بجواب الأسئلة وغير ذلك ، فافتتح الوحي بحمد الله { الذي أنزل على عبده الكتاب } أي بزعمكم أنتم يا قريش ، وهذا كما تقول لرجل يحب مساءتك فلا يرى إلا نعمتك الحمد لله الذي أنعم علي وفعل بي كذا على جهة النقمة عليه ، و { الكتاب } هو القرآن ، وقوله { ولم يجعل له عوجاً } أي لم يزله عن طريق الاستقامة ، و «العوج » فقد الاستقامة ، وهو بكسر العين في الأمور والطرق وما لا يحس متنصباً شخصاً ، و «العوج » بفتح العين في الأشخاص كالعصا والحائط ونحوه ، وقال ابن عباس : معناه ولم يجعله مخلوقاً ، وقوله { ولم يجعل له عوجاً } يعم هذا وجميع ما ذكره الناس من أنه لا تناقض فيه ومن أنه لا خلل ولا اختلاف فيه . وقوله { قيماً } نصب على الحال من { الكتاب } ، فهو بمعنى التقديم ، مؤخر في اللفظ ، أي أنزل الكتاب قيماً ، واعترض بين الحال وذي الحال قوله : { ولم يجعل له عوجاً } وذكر الطبري هذا التأويل عن ابن عباس ، ويجوز أن يكون منصوباً{[7740]} بفعل مضمر تقديره أنزله أو جعله { قيماً } ، وفي بعض مصاحف الصحابة «ولم يجعل له عوجاً لكن جعله قيماً » قاله قتادة ، ومعنى «قيم » مستقيم ، هذا قول ابن عباس والضحاك ، وقيل معناه أنه قيم على سائر الكتب بتصديقها ، ذكره المهدوي ، وهذا محتمل وليس من الاستقامة ويصح أن يكون معنى «قيم » قيامه بأمر الله عز وجل على العالم ، وهذا المعنى يؤيده ما بعده من النذارة والبشارة اللذين عما العالم .
سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الكهف .
روى مسلم ، وأبو داود ، عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف وفي رواية لمسلم : من آخر الكهف ، عصم من فتنة الدجال . ورواه الترمذي عن أبي الدرداء بلفظ من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال . قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
وكذلك وردت تسميتها عن البراء بن عازب في صحيح البخاري . قال : كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو ، وتدنو ، وجعل فرسه ينفر ، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال : تلك السكينة تنزلت بالقرآن .
وفي حديث أخرجه ابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سماها سورة أصحاب الكهف .
وهي مكية بالاتفاق كما حكاه ابن عطية . قال : وروي عن فرقد أن أول السورة إلى قوله { جرزا } نزل بالمدينة ، قال : والأول أصح .
وقيل قوله { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } الآيتين نزلتا بالمدينة ، وقيل قوله { أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا } إلى آخر السورة نزل بالمدينة . وكل ذلك ضعيف كما سيأتي التنبيه عليه في مواضعه .
نزلت بعد سورة الغاشية وقبل سورة الشورى .
وهي الثامنة والستون في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد .
وقد ورد في فضلها أحاديث متفاوتة أصحها الأحاديث المتقدمة وهي من السور التي نزلت جملة واحدة . روى الديلمي في سند الفردوس عن أنس قال : نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة . وقد أغفل هذا صاحب الإتقان .
وعدت آيها في عدد قراء المدينة ومكة مائة وخمسا ، وفي عدد قراء الشام مائة وستا ، وفي عدد قراء البصرة مائة وإحدى عشرة ، وفي عد قراء الكوفة مائة وعشرا ، بناء على اختلافهم في تقسيم بعض الآيات إلى آيتين .
وسبب نزولها ما ذكره كثير من المفسرين ، وبسطه ابن إسحاق في سيرته بدون سند ، وأسنده الطبري إلى ابن عباس بسند فيه رجل مجهول : أن المشركين لما أهمهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم وازدياد المسلمين معه وكثر تساؤل الوافدين إلى مكة من قبائل العرب عن أمر دعوته ، بعثوا النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة يثرب يسألونهم رأيهم في دعوته ، وهم يطمعون أن يجد لهم الأحبار ما لم يهتدوا إليه مما يوجهون به تكذيبهم إياه . قالوا : فإن اليهود أهل الكتاب الأول وعندهم من علم الأنبياء أي صفاتهم وعلاماتهم علم ليس عندنا ، فقدم النضر وعقبة إلى المدينة ووصفا لليهود دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وأخبراهم ببعض قوله . فقال لهم أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث? فإن أخبركم بهن فهو نبئ وإن لم يفعل فالرجل متقول ، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم ، وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وسلوه عن الروح ما هي . فرجع النضر وعقبة فأخبرا قريشا بما قاله أحبار اليهود ، فجاء جمع من المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن هذه الثلاثة ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبركم بما سألتم عنه غدا وهو ينتظر وقت نزول الوحي عليه بحسب عادة يعلمها . ولم يقل : إن شاء الله . فمكث رسول الله ثلاثة أيام لا يوحى إليه ، وقال ابن إسحاق : خمسة عشر يوما ، فأرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا وقد أصبحنا اليوم عدة أيام لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه ، حتى أحزن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وشق عليه ، ثم جاءه جبريل عليه السلام بسورة الكهف وفيها جوابهم عن الفتية وهم أهل الكهف ، وعن الرجل الطواف وهو ذو القرنين . وأنزل عليه فيما سألوه من أمر الروح { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } في سورة الإسراء . قال السهيلي : وفي رواية عن ابن إسحاق من غير طريق البكائي أي زياد ابن عبد الله البكائي الذي يروي عنه ابن هشام أنه قال في هذا الخبر : فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو أي الروح جبريل . وهذا خلاف ما روى غيره أن يهود قالت لقريش : سلوه عن الروح فإن أخبركم به فليس بنبئ وإن لم يخبركم به فهو نبي اهـ .
وأقول : قد يجمع بين الروايتين بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أجابهم عن أمر الروح بقوله تعالى { قل الروح من أمر ربي } بحسب ما عنوه بالروح عدل بهم إلى الجواب عن أمر كان أولى لهم العلم به وهو الروح الذي تكرر ذكره في القرآن مثل قوله { نزل به الروح } الأمين وقوله { والروح فيها } وهو من ألقاب جبريل على طريقة الأسلوب الحكيم مع ما فيه من الإغاظة لليهود ، لأنهم أعداء جبريل كما أشار إليه قوله تعالى { قل من كان عدوا لجبريل } الآية . ووضحه حديث عبد الله ابن سلام في قوله للنبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر جبريل عليه السلام ذاك عدو اليهود من الملائكة فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم لهم منفذا قد يلقون منه التشكيك على قريش إلا سده عليهم .
وقد يعترضك هنا : أن الآية التي نزلت في أمر الروح هي من سورة الإسراء فلم تكن مقارنة للآية النازلة في شان الفنية وشأن الرجل الطواف فماذا فرق بين الآيتين ، وأن سورة الإسراء يروي أنها نزلت قبل سورة الكهف فإنها معدودة سادسة وخمسين في عداد نزول السور ، وسورة الكهف معدودة ثامنة وستين في النزول . وقد يجاب عن هذا بأن آية الروح قد تكون نزلت على أن تلحق بسورة الإسراء فإنها نزلت في أسلوب سورة الإسراء وعلى مثل فواصلها ، ولأن الجواب فيها جواب بتفويض العلم إلى الله ، وهو مقام يقتضي الإيجاز ، بخلاف الجواب عن أهل الكهف وعن ذي القرنين فإنه يستدعي بسطا وإطنابا ففرقت آية الروح عن القصتين .
على أنه يجوز أن يكون نزول سورة الإسراء مستمرا إلى وقت نزول سورة الكهف ، فأنزل قرآن موزع عليها وعلى سورة الكهف . وهذا على أحد تأويلين في معنى كون الروح من أمر ربي كما تقدم في سورة الإسراء . والذي عليه جمهور الرواة أن آية { ويسألونك عن الروح } مكية إلا ما روي عن ابن مسعود . وقد علمت تأويله في سورة الإسراء .
فاتضح من هذا أن أهم غرض نزلت فيه سورة الكهف هو بيان قصة أصحاب الكهف ، وقصة ذي القرنين . وقد ذكرت أولاهما في أول السورة وذكرت الأخرى في آخرها .
كرامة قرآنية : لوضع هذه السورة على هذا الترتيب في المصحف مناسبة حسنة ألهم الله إليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رتبوا المصحف فإنها تقارب نصف المصحف إذ كان في أوائلها موضع قيل هو نصف حروف القرآن وهو التاء من قوله تعالى { لقد جئت شيئا نكرا } في أثنائها ، وهو نهاية خمسة عشر جزءا من أجزاء القرآن وذلك نصف أجزائه ، وهو قوله تعالى { قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا } ، فجعلت هذه السورة في مكان قرابة نصف المصحف .
وهي مفتتحة بالحمد حتى يكون افتتاح النصف الثاني من القرآن ب{ الحمد لله } كما كان افتتاح النصف الأول ب{ الحمد لله } . وكما كان أول الربع الرابع منه تقريبا ب{ الحمد لله فاطر السماوات والأرض } .
افتتحت بالتحميد على إنزال الكتاب للتنويه بالقرآن تطاولا من الله تعالى على المشركين وملقنيهم من أهل الكتاب .
وأدمج فيه إنذار المعاندين الذين نسبوا لله ولدا ، وبشارة للمؤمنين ، وتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أقوالهم حين تريث الوحي لما اقتضته سنة الله مع أوليائه من إظهار عتبه على الغفلة عن مراعاة الآداب الكاملة .
وذكر افتتان المشركين بالحياة الدنيا وزينتها وأنها لا تكسب النفوس تزكية .
وانتقل إلى خبر أصحاب الكهف المسؤول عنه .
وحذرهم من الشيطان وعداوته لبني آدم ليكونوا على حذر من كيده .
وقدم لقصة ذي القرنين قصة أهم منها وهي قصة موسى والخضر عليهما السلام ، لأن كلتا القصتين تشابهتا في السفر لغرض شريف . فذو القرنين خرج لبسط سلطانه على الأرض ، وموسى عليه السلام خرج في طلب العلم .
وفي ذكر قصة موسى تعريض بأحبار بني إسرائيل إذ تهمموا بخبر ملك من غير قومهم ولا من أهل دينهم ونسوا خبرا من سيرة نبيهم .
وتخلل ذلك مستطردات من إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته . وأن الحق فيما أخبر به ، وأن أصحابه الملازمين له خير من صناديد المشركين ، ومن الوعد والوعيد ، وتمثيل المؤمن والكافر ، وتمثيل الحياة الدنيا وانقضائها ، وما يعقبها من البعث والحشر ، والتذكير بعواقب الأمم الدنيا وانقضائها ، وما يعقبها من البعث والحشر ، والتذكير بعواقب الأمم المكذبة للرسل ، وما ختمت به من إبطال الشرك ووعيد أهله ؛ ووعد المؤمنين بضدهم ، والتمثيل لسعة علم الله تعالى . وختمت بتقرير أن القرآن وحي من الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فكان في هذا الختام محسن رد العجز على الصدر .
موقع الافتتاح بهذا التحميد كموقع الخطبة يفتتح بها الكلام في الغرض المهم .
ولما كان إنزال القرآن على النبي أجزل نَعماء الله تعالى على عباده المؤمنين لأنه سبب نجاتهم في حياتهم الأبدية ، وسبب فوزهم في الحياة العاجلة بطيب الحياة وانتظام الأحوال والسيادة على الناس ، ونعمة على النبي بأن جعله واسطة ذلك ومبلَغه ومبينه ؛ لأجل ذلك استحق الله تعالى أكمل الحمد إخباراً وإنشاءً . وقد تقدم إفادة جملة { الحمد لله } استحقاقه أكمل الحمد في صدر سورة الفاتحة .
وهي هنا جملة خبرية ، أخبر الله نبيئَه والمسلمين بأن مستحق الحمد هو الله تعالى لا غيره ، فأجرى على اسم الجلالة الوصف بالموصول تنويهاً بمضمون الصلة ولما يفيده الموصول من تعليل الخبر .
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم بوصف العبودية لله تقريب لمنزلته وتنويه به بما في إنزال الكتاب عليه من رفعة قدره كما في قوله تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده } [ الفرقان : 1 ] .
والكتاب : القرآن . فكل مقدار منزل من القرآن فهو { الكتاب } . فالمراد بالكتاب هنا ما وقع إنزاله من يوم البعثة في غار حراء إلى يوم نزول هذه السورة ، ويلحق به ما ينزل بعد هذه الآية ويزاد به مقداره .
وجملة { ولم يجعل له عوجاً } معترضة بين { الكتاب } وبين الحال منه وهو { قيماً } . والواو اعتراضية . ويجوز كون الجملة حالاً والواو حالية .
والعِوج بكسر العين وفتحها وبفتح الواو حقيقته : انحراف جسم ما عن الشكل المستقيم ، فهو ضد الاستقامة . ويطلق مجازاً على الانحراف عن الصواب والمعاني المقبولة المستحسنة .
والذي عليه المحققون من أيمة اللغة أن مكسور العين ومفتوحها سواء في الإطلاقين الحقيقي والمجازي . وقيل : المكسورُ العيننِ يختص بالإطلاق المجازي وعليه درج في « الكشاف » . ويبطله قوله تعالى لما ذكر نسف الجبال { فيذرها قاعاً صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتاً } [ طه : 106 107 ] حيث اتفق القراء على قراءته بكسر العين . وعن ابن السكيت : أن المكسور أعم يجيء في الحقيقي والمجازي وأن المفتوح خاص بالمجازي .
والمراد بالعِوج هنا عوج مدلولات كلامه بمخالفتها للصواب وتناقضها وبعدها عن الحكمة وإصابة المراد .
والمقصود من هذه الجملة المعترضة أو الحالية إبطال ما يرميه به المشركون من قولهم : افتراه ، وأساطير الأولين ، وقول كاهن ، لأن تلك الأمور لا تخلو من عوج ، قال تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } [ النساء : 82 ] .
وضمير { له } عائد إلى { الكتاب } .
وإنما عدي الجعل باللام دون ( في ) لأن العوج المعنوي يناسبه حرف الاختصاص دون حرف الظرفية لأن الظرفية من علائق الأجسام ، وأما معنى الاختصاص فهو أعم .
فالمعنى : أنه متصف بكمال أوصاف الكتب من صحة المعاني والسلامة من الخطأ والاختلاف . وهذا وصف كمال للكتاب في ذاته وهو مقتض أنه أهل للانتفاع به ، فهذا كوصفه ب { أنه لا ريب فيه } في سورة البقرة ( 2 ) .