{ وأنفقوا في سبيل الله } ولا تمسكوا كل الإمساك . { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } بالإسراف وتضييع وجه المعاش ، أو بالكف عن الغزو والإنفاق فيه ، فإن ذلك يقوي العدو ويسلطهم على إهلاكهم . ويؤيده ما روي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال : لما أعز الله الإسلام وكثر أهله رجعنا إلى أهالينا وأموالنا نقيم فيها ونصلحها فنزلت ، أو بالإمساك وحب المال فإنه يؤدي إلى الهلاك المؤيد ، ولذلك سمي البخل هلاكا وهو في الأصل انتهاء الشيء في الفساد ، والإلقاء : طرح الشيء ، وعدى بإلى لتضمن معنى الانتهاء ، والباء مزيدة والمراد بالأيدي الأنفس ، والتهلكة والهلاك والهلك واحد فهي مصدر كالتضرة والتسرة ، أي لا توقعوا أنفسكم في الهلاك وقيل : معناه لا تجعلوها آخذه بأيديكم ، أو لا تلقوا بأيديكم أنفسكم إليها فحذف المفعول . { وأحسنوا } أعمالكم وأخلاقكم ، أو تفضلوا على المحاويج . { إن الله يحب المحسنين } .
{ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }( 195 )
{ سبيل الله } هنا الجهاد ، واللفظ يتناول بعد جميع سبله( {[1803]} ) .
وقال أبو عبيدة وقوم : الباء في قوله { بأيديكم } زائدة ، التقدير تلقوا أيديكم( {[1804]} ) .
وقال الجمهور : ذلك ضرب مثل ، تقول ألقى فلان بيده في أمر كذا إذا استسلم ، لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيده ، فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان ، ومنه قول عبد المطلب : «والله إن إلقاءنا بأيدينا إلى الموت لعجز »( {[1805]} ) .
وقال قوم : التقدير لا تلقوا أنفسكم بأيديكم( {[1806]} ) ، كما تقول لا تفسد حالك برأيك ، و «التهلُكة » بضم اللام مصدر من هلك ، وقرأ الخليل { التهلِكة } بكسر اللام( {[1807]} ) ، وهي تفعلة من «هلّك » بشد اللام .
وروي عن أبي أيوب الأنصاري( {[1808]} ) أنه كان على القسطنطينية ، فحمل رجل على عسكر العدو ، فقال قوم ألقى بيده إلى التهلكة ، فقال أبو أيوب : لا إن هذه الآية نزلت في الأنصار حين أرادوا لما ظهر الإسلام أن يتركوا الجهاد ويعمروا أموالهم ، وأما هذا فهو الذي قال الله فيه : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله }( {[1809]} ) [ البقرة : 207 ] .
وقال حذيفة بن اليمان وابن عباس والحسن وعطاء وعكرمة وجمهور الناس : المعنى لا تلقوا بأيديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العيلة ، فيقول الرجل ليس عندي ما أنفق .
وقال قوم : المعنى لا تقنطوا من التوبة .
وقال البراء بن عازب وعبيدة السلماني : الآية في الرجل يقول قد بالغت في المعاصي فلا فائدة في التوبة فينهمك بعد ذلك( {[1810]} ) ، وقال زيد بن أسلم : المعنى لا تسافروا في الجهاد بغير زاد ، وقد كان فعل ذلك قوم فأداهم ذلك إلى الانقطاع في الطريق أو الكون على عالة الناس ، وقوله { وأحسنوا } ، قيل : معناه في أعمالكم بامتثال الطاعات( {[1811]} ) ، وروي ذلك عن بعض الصحابة ، وقيل : المعنى أحسنوا في الإنفاق في سبيل الله في الصدقات ، قاله زيد بن أسلم .
وقال عكرمة : المعنى وأحسنوا الظن بالله( {[1812]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.