قوله : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تَلْقُوا بِأَيْدِيكُمُ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [ 194 ] .
قال النبي [ عليه السلام ]( {[6233]} ) : مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً( {[6234]} ) فِي سَبِيلِ الله كُتِبَتْ لَهُ بِسَبْعِمائة( {[6235]} ) ضِعْفٍ( {[6236]} ) " ( {[6237]} ) .
و " إِلَى " متعلقة ب( تُلْقُوا ) . والباء متعلقة بالمصدر عند المبرد( {[6238]} ) ، وهي زائدة( {[6239]} ) عند الأخفش( {[6240]} ) .
والتهلكة : الهلاك . حضّ الله المسلمين على النفقة في سبيله والجهاد لئلا يقوى العدو ، فتصير عاقبة أمرهم إلى الهلاك .
والتهلكة عند سفيان( {[6241]} ) : ترك النفقة في سبيل الله عز وجل( {[6242]} ) .
وقال ابن عباس : " التهلكة الإمساك عن النفقة في سبيل الله تعالى " ( {[6243]} ) وقال ابن زيد وغيره : " معناه : لا تخرجوا إلى الغزو بغير نفقة ، أمروا( {[6244]} ) أن ينفقوا في سبيل الله وأن لا يخرجوا بغير نفقة ، فيهلكوا أنفسهم " ( {[6245]} ) .
وقال زيد بن أسلم : " كان رجال يخرجون إلى البعوث( {[6246]} ) بغير نفقة ، فإما أن يقطع بهم ، وإما أن يكونوا عالة على الناس ، فأمروا ألا يخرجوا على تلك الحال " ( {[6247]} ) .
وقال البراء بن عازب : " ( وَلاَ تَلْقُوا( {[6248]} ) بِأَيْدِيكُمُ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) : هو الرجل يصيب الذَّنْبَ فيلقي بيده إلى التهلكة ، يقول : " لا توبة لي " . فأمروا ألا ييأسوا من رحمة الله عز وجل " ( {[6249]} ) .
وقال أبو قلابة( {[6250]} ) : هو الرجل يصيب الذنوب ، فيقول : " لا توبة لي " ، فينهمك في المعاصي ، [ فأمر/ألا ييأس ] ( {[6251]} ) من رحمة الله سبحانه " ( {[6252]} ) . وقال أبو أيوب الأنصاري( {[6253]} ) : " فينا( {[6254]} ) نزلت هذه الآية ، وذلك أنا( {[6255]} )عشر الأنصار لما أعز الله دينه قلنا سراً : إن أموالنا قد ضاعت ، فلو أقمنا فيها نصلحها " . فأنزل الله عز وجل يرد علينا ما( {[6256]} ) قد هممنا به من التخلف عن الجهاد " ( {[6257]} ) .
فمعناه : ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمُ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) أي : لا تتأخروا عما هو أنفع لكم وهو الغزو( {[6258]} ) . والعرب تقول : " ألْقَى فلان بيديه " ( {[6259]} ) إذا استسلم( {[6260]} ) .
قوله : ( وَأَحْسِنُوا ) [ 194 ] .
قيل : معناه : أحسنوا الظن بالله عز وجل في المغفرة لمن تاب . هذا على قول من قال : ( وَلاَ تَلْقُوا بِأَيْدِيكُمُ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) . معناه في الذنوب ، وألا( {[6261]} ) ييأس من رحمة الله عز وجل( {[6262]} ) .
وقيل معناه( {[6263]} ) : أحسنوا الإنفاق( {[6264]} ) .
وقيل : معناه : أداء( {[6265]} ) الفرائض( {[6266]} ) .
وقيل : معناه : أحسنوا( {[6267]} ) الظن بالله تعالى أنه يضاعف( {[6268]} ) الحسنات ويخلف النفقة( {[6269]} ) .
قوله : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ) [ 195 ] .
" ما " في موضع رفع ، أي : فعليه ذلك( {[6270]} ) .
وقيل : فوجب عليه( {[6271]} ) ما استيسر . والمعنى واحد .
وقيل : هي في موضع نصب تقديره : فَليُهدِ ما استيسر من الهدي( {[6272]} ) .
قال أبو عمرو( {[6273]} ) : " الهدي( {[6274]} ) جمع . واحده( {[6275]} ) : هَدْيَةٌ ، كَتَمْرَةٍ وتَمْرٍ " ( {[6276]} ) .
وقيل : هو مصدر لا واحد له كرجال صَومٍ . فهو يقع للواحد والجمع والتأنيث كأنه مصدر " هدى إلى البيت هدياً " وبنو تميم يُثقلون ياء الهدي( {[6277]} ) .
وقال الفراء : " لا واحد له " ( {[6278]} ) .
قوله : ( فَفِدْيَةٌ )( {[6279]} ) [ 195 ] أي فعليه فدية .
ويجوز النصب على( {[6280]} ) معنى : فليُفد فديةً ، وفليأت فدية .
قوله : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ) [ 195 ] . الثاني( {[6281]} ) يجوز فيه ما جاز في الأول .
قوله : ( ذَلِكَ لِمَنْ لَّمْ يَكُنَ ) [ 195 ] أي ذلك الفرض على من( {[6282]} ) هذه حالته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.