{ وأنفقوا في سيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } .
{ وأنفقوا في سبيل الله } في هذه الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله وهو الجهاد بالمال ، واللفظ يتناول غيره مما يصدق عليه أنه من سبيل الله ، والإنفاق هو صرف المال في وجوه المصالح الدينية كالإنفاق في الحج والعمرة وصلة الرحم والصدقة وتجهيز الغزاة وعلى النفس والعيال وغير ذلك مما فيه قربة الله تعالى ، لأن كل ذلك يصدق عليه أنه في سبيل الله ، ولكن إطلاق هذا اللفظ ينصرف إلى الجهاد .
عن خزيم ابن فانك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أنفق في سبيل الله كتب الله له سبعمائة ضعف ) أخرجه الترمذي والنسائي . {[189]}
{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } الباء زائدة ومثله { ألم يعلم بأن الله يرى } وقال المبرد : أي بأنفسكم تعبير بالبعض عن الكل كقوله { بما كسبت أيديكم } وقيل هذا مثل مضروب يقال فلان ألقى بيده في أمر كذا إذا استسلم لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيده فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان .
وقال قوم : التقدير ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم ، وعبر بالأيدي عن الأنفس ، لأن بها البطش والحركة ، والتهلكة مصدر من هلك يهلك هلاكا وهلكا وتهلكة أي لا تأخذوا فيما يهلككم ، قال اليزيدي : التهلكة من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس .
وللسلف في معنى الآية أقوال ، قال حذيفة : نزلت في النفقة أي تركها في سبيل الله مخالفة العيلة ، وروي نحوه عن ابن عباس وعكرمة والحسن ، وقال الحسن : هو البخل ، وقال زيد ابن أسلم : هو أن يهلك رجل من الجوع والعطش ومن المشي في البعث .
وقال أبو أيوب : كانت التهلكة الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الغزو وقال البراء ابن عازب : هو الرجل يذنب فيلقي بيديه فيقول لا يغفر الله لي أبدا وروي عن النعمان ابن بشير نحوه . وقيل أنه القنوط وقيل عذاب الله ، وقيل غير ذلك .
والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فكل ما يصدق عليه أنه تهلكة في الدين أو الدنيا فهو داخل في هذا وبه قال ابن جرير الطبري .
ومن جملة ما يدخل تحت الآية أن يقتحم الرجل في الحرب فيحمل على الجيش مع عدم قدرته على التخلص وعدم تأثيره لأثر ينفع المجاهدين .
ولا يمنع من دخول هذا تحت الآية إنكار من أنكره من الذين رووا السبب ، فإنهم ظنوا أن الآية لا تجاوز سببها ، وهو ظن تدفعه لغة العرب .
{ وأحسنوا } أي في الإنفاق في الطاعة أو الظن بالله في إخلافه عليكم وقال رجل من الصحابة معناه أدوا الفرائض ، وقيل لا تقتروا ولا تسرفوا { إن الله يحب المحسنين } المنفقين في سبيله الظانين به حسنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.