أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ فَنَادَواْ وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٖ} (3)

{ كم أهلكنا من قبلهم من قرن } وعيد لهم على كفرهم به استكبارا وشقاقا . { فنادوا } استغاثة أو توبة أو استغفار . { ولات حين مناص } أي ليس الحين حين مناص ، ولا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب ، وثم خصت بلزوم الأحيان وحذف أحد المعمولين ، وقيل هي النافية للجنس أي ولا حين مناص لهم ، وقيل للفعل والنصب بإضماره أي ولا أرى حين مناص ، وقرئ بالرفع على أنه اسم لا أو مبتدأ محذوف الخبر أي ليس حين مناص حاصلا لهم ، أو لا حين مناص كائن لهم وبالكسر كقوله :

طلبوا صلحنا ولات أوان *** فأجبنا أن لات حين بقاء

إما لأن لات تجر الأحيان كما أن لولا تجر الضمائر في قوله : لولاك هذا العام لم أحجج .

أو لأن أوان شبه بإذ لأنه مقطوع عن الإضافة إذ أصله أوان صلح ، ثم حمل عليه { مناص } تنزيلا لما أضيف إليه الظرف منزلته لما بينهما من الاتحاد ، إذ أصله يحن مناصهم ثم بني الحين لإضافته إلى غير متمكن { ولات } بالكسر كجير ، وتقف الكوفية عليها بالهاء كالأسماء والبصرية بالتاء كالأفعال . وقيل إن التاء مزيدة على حين لاتصالها به في الإمام ولا يرد عليه أن خط المصحف خارج عن القياس إذ مثله لم يعهد فيه ، والأصل اعتباره إلا فيما خصه الدليل ولقوله :

العاطفون تحين لا من عاطف *** والمطعمون زمان ما من مطعم

والمناص المنجا من ناصه ينوصه إذا فاته .