غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ فَنَادَواْ وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٖ} (3)

1

ثم خوف الكفار بقوله { كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات } أي رفعوا أصواتهم بالدعاء والاستغاثة لأن نداء من نزل به العذاب لا يكون إلا كذلك . وعن الحسن : فنادوا بالتوبة كقوله { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا } ولهذا قال { ولات حين مناص } أي لم يكن ذلك الوقت وقت فرار من العذاب أو حين نداء ينجي . قال سيبويه والخليل : التاء في " لات " زائدة مثلها في " ربت " و " ثمت " وهي المشبهة بليس ، وقد تغير حكمها بزيادة التاء حيث لا تدخل إلا على الأحيان ولم يبرز إلا اسمها أو خبرها وتقدير الآية : ليس الحين حين مناص . ولو رفع لكان تقديره وليس حين مناص حاصلاً لهم . وقال الأخفش : إنها " لا " النافية للجنس زيدت عليها التاء وخصت بنفي الأحيان كأنه قيل : أصل " لات " ليس قلبت الياء ألفاً والسين تاء . وقيل : التاء قد تلحق بحين كقوله :

العاطفون تحين ما من عاطف *** والمطعمون زمان ما من مطعم

وإلى هذا ذهب أبو عبيدة . وتأكد هذا الرأي عنده حين رأى التاء في المصحف متصلاً بحين . وضعف بعد تسليم أنه في الإمام كذلك بأن خط المصحف غير مقيس عليه . أما الوقف على { لات } فعند الكوفيين بالهاء قياساً على الأسماء ، وعند البصريين بالتاء قياساً على الأفعال . والمناص مصدر ناص ينوص إذا هرب ونجا أو فات . قال ابن عباس : لما نزل بهم العذاب ببدر قالوا : مناص أي اهربوا وخذوا حذركم فأنزل الله { ولات حين مناص } .