التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلّٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِيَ لَوۡلَآ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّۖ وَنُودُوٓاْ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (43)

قوله تعالى : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل . . . )

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه جل و علا ، ينزع ما في صدور أهل الجنة من الحقد والحسد الذي كان في الدنيا ، وأنهم تجري من تحتهم الأنهار في الجنة . وذكر في موضع آخر أن نزع الغل من صدورهم يقع في حال كونهم إخوانا على سرر متقابلين آمنين من النصب ، و الخروج من الجنة . وهو قوله تعالى في " الحجر " ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ) .

انظر حديث البخاري عن أبي سعيد الآتي عند الآية( 47 ) من سورة الحجر .

قوله تعالى ( وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله )

قال الطبري : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل أهل النار يرى منزله من الجنة ، فيقولون : لو هدانا الله ، فتكون عليهم حسرة . وكل أهل الجنة يرى منزله من النار ، فيقولون : لولا أن هدانا الله . فهذا شكرهم " .

( التفسير 12/440ح14665 ) ، وعزاه السيوطى في ( الدر 3/85 ) لابن مردويه وابن أبي الدنيا وغيرهما . وعزاه الهيثمي لأحمد من طريقين وقال : ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح ( مجمع الزوائد 10/399 ) ، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك 2/435-436 ) ، وحسنه الألباني في ( صحيح الجامع ح 4514 ) .

قوله تعالى ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )

قال الطبري : حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا شريك ابن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله ( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ) حتى إذا انتهوا إلى بابها ، إذا هم بشجرة يخرج من أصلها عينان ، فعمدوا إلى إحداهما ، فشربوا منها كأنما أمروا بها ، فخرج ما في بطونهم من قذر أو أذى أو قذى ، ثم عمدوا إلى الأخرى ، فتوضئوا منها كأنما أمروا به ، فجرت عليهم نضرة النعيم ، فلن تشعث رءوسهم بعدها أبدا ولن تبلى ثيابهم بعدها ، ثم دخلوا الجنة ، فتلقتهم الولدان كأنهم اللؤلؤ المكنون ، فيقولون : أبشر ، أعد الله لك كذا ، وأعد لك كذا وكذا ، ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه جندل اللؤلؤ الأحمر والأصفر والأخضر ، يتلألأ كأنه البرق ، فلولا أن الله قضى أن لا يذهب بصره لذهب ، ثم يأتي بعضهم إلى بعض أزواجه ، فيقول : أبشري قد قدم فلان بن فلان ، فيسميه باسمه واسم أبيه ، فتقول : أنت رأيته ، أنت رأيته ! فيستخفها الفرح حتى تقوم ، فتجلس على أسكفة بابها ، فيدخل فيتكئ على سريره ، ويقرأ هذه الآية : ( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) . . . الآية .

( التفسير 24/35 ) ، وأخرجه ابن المبارك في ( الزهد ص 508-509ح1450 ) وعبد الرزاق في ( التفسير - سورة الزمر ) والضياء المقدسي ( المختارة 2/160ح541 ) من طريق حمزة الزيات عن أبي إسحاق به . وقال محقق المختارة : إسناده صحيح . وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العاليه المسندة( ل 198 أ-ب ، رواية إسحاق في مسنده من طرق عن أبي إسحاق به ، ثم قال : هذا حديث صحيح وحكمه حكم الرفع إذ لا مجال للرأي في هذه الأمور ) .

قال مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد ( واللفظ لإسحاق ) . قالا : أخبرنا عبد الرزاق . قال : قال الثوري : فحدثني أبو إسحاق ؟ أن الأغر حدثه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا " فذلك قوله عز وجل : ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .

( الصحيح 4/2182ح2837 - ك الجنة وصفه نعيمها وأهلها ، ب في دوام نعيم أهل الجنة . . . ) .