نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ فَمَن يَهۡدِي مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (29)

ولما كان جوابهم قطعاً : ليس لنا شركاء بهذا الوصف ، كان التقدير ، فلم تتبعوا {[52978]}في الإشراك{[52979]} بالله دليلاً ، فنسق عليه : { بل } وكان الأصل{[52980]} : اتبعتم ، ولكنه أعرض عنهم{[52981]} ، إيذاناً بتناهي الغضب للعناد بعد البيان ، وأظهر الوصف الحامل لهم على ذلك تعميماً وتعليقاً للحكم به{[52982]} فقال{[52983]} : { اتبع } أي بتكليف أنفسهم خلاف الفطرة الأولى{[52984]} { الذين ظلموا } أي وضعوا الشيء في غير موضعه فعل الماشي في الظلام { أهواءهم } وهو ما يميل إليه نفوسهم .

ولما كان اتباع الهوى قد يصادف الدليل ، وإذا لم يصادف وكان من عالم رده عنه علمه قال : { بغير علم }{[52985]}

إشارة إلى بعدهم{[52986]} في الضلال لأن الجاهل يهيم{[52987]} على وجهه {[52988]}بلا مرجح غير الميل{[52989]} كالبهيمة لا يرده شيء ، وأما العالم فربما رده علمه .

ولما كان هذا ربما أوقع في بعض الأوهام أن هذا بغير إرادته سبحانه ، دل بفاء السبب على أن التقدير : وهذا ضلال منهم بإرادة الله{[52990]} ، فلما أساؤوا بإعراقهم فيه كانت عاقبتهم السوء والخذلان ، لأنهم أبعدوا أنفسهم عن أسباب الهدى{[52991]} : { فمن يهدي } أي بغير إرادة الله ، ولفت الكلام من مظهر العظمة إلى أعظم منه{[52992]} بذكر الاسم الأعظم لاقتضاء الحال له فقال : { من أضل الله } الذي له الأمر كله ، ودل بواو العطف على أن التقدير : ليس أحد يهديهم لأنهم أبعدوا أنفسهم عن أسباب الهدى فبعدوا عن أسباب النصر لأنهم صاروا على جرف هار في كل أمورهم ، فلذا حسن موضع تعقيبه بقوله{[52993]} : { وما لهم } وأعرق في النفي فقال : { من ناصرين* } أي من الأصنام ولا غيرها{[52994]} يخلصونهم مما هم فيه من الخذلان وأسر الشيطان ، ومما يسببه من النيران ، ونفى الجمع دون الواحد لأن العقل ناصر لهم بما هو مهيأ{[52995]} له من الفهم واتباع دليل السمع لو استعملوه ، أو لأنه ورد{[52996]} جواباً لنحو{ واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً لعلهم ينصرون }[ مريم : 81 ] أو للإشارة إلى أن تتبع الهوى لا ينفع في تلافي أمره إلا أعوان كثيرون{[52997]} ودل على نفي الواحد{ لا تجزي نفس عن نفس }[ البقرة : 123 ] ، و

{ أن الكافرين لا مولى لهم }[ محمد : 11 ] و{[52998]}{ فما له من قوة ولا ناصر }[ الطارق : 10 ] في أمثالها .


[52978]:من ظ ومد، وفي الأصل: بالإشراك.
[52979]:من ظ ومد، وفي الأصل: بالإشراك.
[52980]:من ظ ومد، وفي الأصل: أصل.
[52981]:من م ـ وتستأنف من هنا ـ ومد، وفي الأصل وظ: عنه.
[52982]:زيد من ظ وم ومد.
[52983]:زيد في ظ: بل.
[52984]:زيد من ظ ومد.
[52985]:زيد في ظ: أي.
[52986]:من ظ ومد، وفي الأصل: بعضهم.
[52987]:من م ومد، وفي الأصل وظ: يهتم.
[52988]:سقط ما بين الرقمين من م.
[52989]:سقط ما بين الرقمين من م.
[52990]:زيد من ظ وم ومد.
[52991]:زيد في ظ: أي.
[52992]:زيد من ظ وم ومد.
[52993]:زيد من ظ ومد.
[52994]:زيد في الأصل: بما، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[52995]:من م ومد، وفي الأصل وظ: به مرتبا.
[52996]:زيد في الأصل: به، لم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[52997]:زيد من ظ وم ومد.
[52998]:زيد من م.