نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرٗا مَّقۡدُورًا} (38)

ولما أنتج هذا التسهيل لما كان استصعبه صلى الله عليه وسلم والتأمين مما كان{[55667]} خافه ، عبر عن ذلك بقوله مؤكداً رداً على من يظن خلاف ذلك : { ما كان على النبي } أي الذي منزلته من الله الاطلاع على ما لم يطلع عليه غيره من الخلق { من حرج فيما فرض } أي قدر { الله } بما له من صفات الكمال وأوجبه{[55668]} { له } لأنه لم يكن على المؤمنين مطلقاً حرج في ذلك ، فكيف برأس المؤمنين ، فصار منفياً عنه الحرج{[55669]} مرتين خصوصاً بعد عموم تشريفاً له وتنويهاً بشأنه .

ولما كان مما يهون الأمور الصعاب المشاركة فيها فكيف{[55670]} إذا كانت المشاركة من الأكابر ، قال واضعاً الإسم موضع مصدره : { سنة الله } أي سن الملك{[55671]} الذي إذا سن شيئاً أتقنه بما له من العزة والحكمة فلم يقدر أحد أن يغير شيئاً منه { في الذين خلوا } {[55672]}وكأنه أراد أن يكون أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام {[55673]}أولى مراد{[55674]} بهذا ، تبكيتاً لملبسي أتباعهم ، فأدخل الجار فقال : { من قبل } أي من الأنبياء الأقدمين في إباحة التوسع في النكاح لهم ، وهو تكذيب لليهود الذين أنكروا ذلك ، وإظهار لتلبيسهم .

ولما كان المراد بالنسبة الطريق{[55675]} التي قضاها وشرعها{[55676]} قال معلماً بأن هذا الزواج كان أمراً لا بد من وقوعه لإرادته له في الأزل فلا يعترض فيه معترض ببنت شفة يحل به ما يحل بمن اعترض على أوامر الملك ، ولأجل الاهتمام بهذا الإعلام اعترض به بين الصفة{[55677]} الموصوف فقال : { وكان أمر الله } أي قضاء الملك الأعظم في ذلك وغيره من كل ما يستحق أن يأمر به ويهدي إليه ويحث{[55678]} عليه ، وعبر عن السنة بالأمر تأكيداً لأنه لا بد منه { قدراً } وأكده بقوله : { مقدوراً } أي لا خلف فيه ، ولا بد من وقوعه في حينه الذي حكم بكونه فيه ، وهو مؤيد أيضاً لقول زين العابدين وكذا قوله تعالى واصفاً للذين خلوا : { الذين يبلغون }


[55667]:تكرر في الأصل فقط.
[55668]:من ظ ومد، وفي الأصل: أواجبه.
[55669]:في ظ: الحراج.
[55670]:زيد من ظ ومد.
[55671]:من ظ ومد، وفي الأصل: الله.
[55672]:العبارة من هنا إلى "لملبسي" ساقطة من ظ.
[55673]:في مد: فراد.
[55674]:في مد: فراد.
[55675]:في ظ ومد: الطريقة.
[55676]:من ظ ومد، وفي الأصل: شرحها.
[55677]:من ظ ومد.
[55678]:من ظ ومد، وفي الأصل: يجب.