البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرٗا مَّقۡدُورًا} (38)

{ فيما فرض الله له } ، قال الحسن : فيما خص به من صحة النكاح بلا صداق .

وقال قتادة : فيما أحل له .

وقال الضحاك : في الزيادة على الأربع ، وكانت اليهود عابوه بكثرة النكاح وكثرة الأزواج ، فرد الله عليهم بقوله : { سنة الله } : أي في الأنبياء بكثرة النساء ، حتى كان لسليمان ، عليه السلام ، ثلاثمائة حرة وسبعماية سرية ، وكان لداود مائة امرأة وثلاثمائة سرية .

وقيل : الإشارة إلى أن الرسول جمع بينه وبين زينب ، كما جمع بين داود وبين التي تزوجها بعد قتل زوجها .

وانتصب { سنة الله } على أنه اسم موضوع موضع المصدر ، قاله الزمخشري ؛ أو على المصدر ؛ أو على إضمار فعل تقديره : ألزم أو نحوه ، أو على الإغراء ، كأنه قال : فعليه سنة الله .

قال ابن عطية : وقوله : أو على الإغراء ، ليس بجيد ، لأن عامل الاسم في الإغراء لا يجوز حذفه ، وأيضاً فتقديره : فعليه سنة الله بضمير الغيبة ، ولا يجوز ذلك في الإغراء ، إذ لا يغرى غائب .

وما جاء من قولهم : عليه رجلاً ، ليسنى له تأويل ، وهو مع ذلك نادر .

و { الذين خلوا } : الأنبياء ، بدليل وصفهم بعد قوله : { الذين يبلغون رسالات الله } .

{ وكان أمر الله } : أي مأموراته ، والكائنات من أمره ، فهي مقدورة .

وقوله : { قدراً } : أي ذا قدر ، أو عن قدر ، أو قضاء مقضياً وحكماً مثبوتاً .