{ فقال } أي مناديه الذي لا يشك أنه عنه ، فكان قوله كقوله{[71437]} : { أنا } وقال{[71438]} حمزة الكرماني : قال له موسى عليه السلام : إن ربي أرسلني إليك ، لئن آمنت بربك تكون أربعمائة سنة في السرور والنعيم ، ثم تموت فتدخل الجنة ، فقال : حتى أستشير هامان ، فاستشاره فقال : أتصير عبداً بعد {[71439]}ما كنت{[71440]} رباً تعبد ، فعند ذلك بعث الشرط وجمع السحرة والجنود ، فلما اجتمعوا قام عدو الله على سريره فقال : أنا { ربكم الأعلى * } فكان هذا نداؤه يعني كلكم أرباب بعضكم فوق بعض وأنا أعلاكم ، ولا رب فوقي أصلاً ، وذلك لأن الإله عنده{[71441]} الطبيعة ، وهي مقسمة{[71442]} في الموجودات ، فهم كلهم أرباب ، ومن كان أعلى كان أقعد في المراد ، وهو كان أعلى منهم فقبحه الله ولعنه ولعن من تمذهب بمذهبه كابن عربي وابن الفارض{[71443]} وأتباعهما حيث أنكروا المختار الملك القهار ، ورسوله المصطفى المختار ، وتبعوا في وحدة الوجود بعض الفلاسفة ثم{[71444]} الحلاج بعد فرعون هذا الذي لم يصرح الله بذم أحد ما صرح بذمه ، ولم يصرح بشقاء أحد ما صرح بشقائه ، كهذه الآية فإنها مصرحة بوقوع نكاله في الآخرة كما وقع في الدنيا ، و-{[71445]} قوله تعالى :
{ فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم المقبوحين }[ القصص : 40 - 42 ] إلى غير ذلك من الآيات البينات {[71446]}والدلائل الواضحات التي لا تحصى{[71447]} وهي كثيرة ، وأعظمها القياس البديهي الإنتاج{[71448]}
{ وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين }[ يونس : 83 ]
{ وإن المسرفين هم أصحاب النار }[ غافر : 43 ] ويروى{[71449]} أن إبليس لما سمع منه قوله هذا قال : إني{[71450]} تجبرت على آدم فلقيت{[71451]} ما لقيت ، وهذا يقول هذا ؟ وهذا دعاه إليه الكبر الناشىء من فتنة السراء التي الصبر فيها أعظم من الصبر في الضراء ، قال الإمام-{[71452]} الغزالي في كتاب الصبر من الإحياء{[71453]} : فالصبر على الطاعة شديد لأن النفس بطبعها تنفر عن{[71454]} العبودية وتشتهي الربوبية ، ولذلك{[71455]} قال بعض العارفين : ما من نفس إلا وهي مضمرة ما أظهره فرعون من قوله { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] ولكن فرعون وجد له-{[71456]} مجالاً وقبولاً {[71457]}فأظهره إذ استخف{[71458]} فأطاعوه-{[71459]} وما من أحد إلا وهو يدعي ذلك مع عبده وخادمه وأتباعه وكل من هو تحت قهره وطاعته وإن كان ممتنعاً من إظهاره ، فإن امتعاضه وغيظه عند تقصيرهم في خدمته لا يصدر إلا عن إضمار الكبر ومنازعة الربوبية في رداء الكبرياء - انتهى . ويؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم ما لام خادمه في شيء قط - والله تعالى هو الموفق للصواب{[71460]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.