نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{سَنُقۡرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰٓ} (6)

ولما استوفى سبحانه وتعالى وصف من أمره صلى الله عليه وسلم بتسبيحه بما دل على أوصاف جماله ونعوت كبريائه وجلاله ، وشرح ما له سبحانه من القدرة التامة على الإبداع والهداية والتصرف في الأرواح الحسية والمعنوية بالنشر والطي والقبض والبسط ، فدل على تمام أصول الدين بالدلالة على وجوده{[72850]} سبحانه على{[72851]} سبيل التنزل{[72852]} من ذاته إلى صفاته ثم إلى أفعاله فتم ما للخالق ، أتبعه ما للخلائق وبدأ {[72853]}بما لأشرف{[72854]} خلقه المنزل عليه هذا الذكر تقديراً للنبوة التي بها تتم السعادة بالحقائق الواصلة من الحق إلى عبده{[72855]} ، التي بها يتم أمره من القوتين العلمية ثم العملية بقبول الرسالة بعد التوحيد ، لأن حياة الإنسان لا يتم طيبها إلا بمقتدي يقتدى به من أقواله وأفعاله وسائر أحواله ، ولا مقتدي{[72856]} مثل المعصوم عن كل ميل الموجب ذلك الحب من كل ما يعرف حاله ، والحب في الله أعظم دعائم الدين ، فقال معللاً للأمر بالتسبيح للموصوف بالجلال والجمال دالاً{[72857]} على-{[72858]} أنه يحيي ميت الأرواح بالعلم كما يحيي ميت الأشباح بالأرواح { سنقرئك } أي نجعلك بعظمتنا بوعد لا خلف فيه على سبيل التكرار بالتجديد والاستمرار قارئاً ، أي جامعاً لهذا الذكر الذي هو حياة الأرواح بمنزلة حياة الأشباح ، الذي تقدم أنه قول فصل ، عالماً به كل علم ، ناشراً له في كل حي ، فارقاً به بين-{[72859]} كل ملتبس ، وإن كنت أميّاً لا تحسن الكتابة ولا القراءة ، ولذلك سبب عنه قوله : { فلا تنسى * } أي شيئاً منه ولا من غيره ليكون في ذلك آيتان : كونك تقرأ وأنت أمي ، وكونك تخبر عن المستقبل فيكون كما قلت فلا تحرك به-{[72860]} لسانك عند التنزيل لتعجل به ولا تتعب نفسك فإن علينا حفظه في صدرك وإنطاق{[72861]} لسانك به .


[72850]:من ظ و م، وفي الأصل: وجود.
[72851]:من م، وفي الأصل و ظ: إلى.
[72852]:من م، وفي الأصل و ظ: الشرك.
[72853]:من ظ و م، وفي الأصل: بأشرف.
[72854]:من ظ و م، وفي الأصل: بأشرف.
[72855]:في ظ: العبد.
[72856]:من م، وفي الأصل و ظ: المقتدى.
[72857]:من ظ، وفي الأصل و م: دال.
[72858]:زيد من م.
[72859]:زيد من م.
[72860]:زيد من ظ و م.
[72861]:من ظ، وفي الأصل :إن طال، وفي م: انطال.