جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (15)

{ فلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ } : اتفقوا ، { أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ } وجواب لما محذوف ، أي : فعلوا به ما فعلوا ، { وَأَوْحَيْنَا{[2369]} إِلَيْهِ{[2370]} لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا } ، لتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا ، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } : بوحي الله وإعلامه إياه ذلك ، أو هم لا يعرفونك حين تخبرهم ، كما قال تعلى : " فعرفهم وهم له منكرون " .


[2369]:أي إلى يوسف تبشيرا له وتأنيسا لوحشته مع كونه صغيرا اجتمع على إنزال الضرر به عشرة رجال من إخوته بقلوب غليظة نزعت قد نزعت عنها الرأفة فإن الطبع البشرى ـ دع عنك الدين – يتجاوز عن ذنب الصغير ويغتفره لضعفه عن الدفع وعجزه عن أيسر شيء يراد منه، فكيف بصغير لا ذنب له، بل كيف بصغير هو أخ وله ولهم أب مثل يعقوب، فلقد أبعد من قال إنهم كانوا أنبياء في ذلك الوقت فما هكذا عمل الأنبياء ولا فعل الصالحين، وفي هذا دليل على أنه يجوز أن يوحي الله إلى من كان صغيرا ويعطيه النبوة حينئذ كما وقع في عيسى ويحي بن زكريا، وقيل: معنى الوحي هنا الإلهام كقوله تعالى "وأوحى ربك إلى النحل" (النحل:68)، "وأوحينا إلى موسى" (القصص: 7)، والأول أولى وقد قيل: إنه كان في ذلك الوقت قد بلغ مبلغ الرجال وهو بعيد جدا فإن من كان قد بلغ مبالغهم لا يخاف عليه أن يأكله الذئب/12 فتوح.
[2370]:لوحشته في الجب وشدة فيه /12 وجيز.