بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (15)

{ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ } يعني : فلما برزوا به إلى البَريَّة { وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَابَةِ الجب } يقول : واتفقوا أن يلقوه في أسفل الجب ، ثم أظهروا له العداوة فجعل أحدهم يضربه فيستغيث ، فيضربه الآخر ، فجعل لا يرى منهم رحيماً ، فضربوه حتى كادوا يقتلونه . فقال يهوذا : أليس قد أعطيتموني موثقاً أن لا تقتلوه ؟ قوله : { فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب } فانطلقوا به إلى الجب ، وهي بئر على رأس فرسخين من كنعان ، ويقال : أربع فراسخ ، فجعلوا يدلونه في البئر ، فيتعلق بشفة البئر ، فربطوا يديه ونزعوا قميصه . فقال : يا إخوتاه ، ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجب ، فقالوا : ادع الأحد عشر كوكباً ، والشمس ، والقمر يؤنسوك فدلوه في البئر ، حتى إذا بلغ نصفها ألقوه ، وأرادوا أن يموت ، وكان في البئر ماء فسقط فيه ، ثم أوى إلى صخرة في البئر ، وقام عليها وجعل يبكي . فجاءه جبريل يؤنسه ويطعمه .

قال الله تعالى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبّئَنَّهُمْ } يعني : لتخبرهم { بِأَمْرِهِمْ هذا } يعني : بصنيعهم هذا بمصر { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } يعني : لا يعرفونك بمصر . ويقال : معناه { وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا ، وهم لا يشعرون } ، أن الله تعالى أوحى إليه ، وهم لا يعرفون . ويقال : لما أرادوا أن يلقوه في البئر ، تعلق بإخوته ، فقال له جبريل : لا تتعلق بهم فإنك تنجو من البئر . فألقوه حتى وقع في قعرها ، فارتفع حجر حتى قام عليه ، ثم إنهم أخذوا جدياً من الغنم فذبحوه ، ثم لطخوا القميص بدمه .