قوله : { فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه }[ 15 ] : أي : أجمع رأيهم ، وعزموا على ذلك{[33739]} . { وأوحينا{[33740]} إليه لتنبئنهم بأمرهم }[ 15 ] : أي : لتخبرهم بما صنعوا بك ، وهم{[33741]} لا يعلمون بك{[33742]} .
قال الضحاك : لما ألقي يوسف في الجب ، نزل إليه جبريل ، عليه السلام ، فقال له : يا يوسف : ألا أعلمك كلمات إذا أنت قلتهم عجل الله لك بخروجك من هذا{[33743]} الجب . فقال{[33744]} : نعم ، فقال له جبريل ، صلوات الله عليه{[33745]} : قل يا صانع كل مصنوع ، ويا جابر كل كسير ، ويا شاهد كل نجوى ويا حاضر كل ملأ ، ويا مفرح كل كربة ، ويا صاحب كل غريب ، ويا مؤنس كل وحشة : أيتني بالفرح والرخاء ، وأقذف رجاءك في قلبي حتى لا أرجو أحدا سواك{[33746]} . فرددها يوسف عليه السلام{[33747]} ، في ليلته مرارا فأخرجه الله عز وجل{[33748]} ، في صب[ ي{[33749]} ]حة يومه ذلك من الجب{[33750]} .
وقال السدي : خرجوا به ، وله عليهم كرامة ، فلما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة ، وجعل{[33751]} أخوه يضربه ، فيستغيث{[33752]} بالآخر ( فيضربه فجعل لا يرى منهم{[33753]} رحيما فضربوه{[33754]} حتى كادوا يقتلونه . فجعل يصيح ، ويقول : يا أبتاه ! {[33755]} يا يعقوب ! لو علمت ما صنع بابنك بنو الإماء . فلما كادوا يقتلونه ، قال يهوذا : أليس قد أعطيتموني{[33756]} موثقا من الله لا تقتلونه{[33757]} . فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه ، فجعلوا يدلونه في البئر وهو يتعلق بشفير البئر . فربطوا يديه ونزعوا عنه{[33758]} قميصه .
فقال : يا ( أ )خوتاه : ردوا علي قميصي ، أتوارى به في الجب . فقالوا له : ادع{[33759]} الشمس والقمر ، والأحد عشر كوكبا ليؤنسوك{[33760]} . فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إِرَادَةَ أن يموت . فكان في البير ماء ، فسقط فيه ثم أوى إلى الصخرة فيها . فقام عليها ، وجعل{[33761]} يبكي ، فنادوه ، فظن{[33762]} أنها رحمة منهم ، أدركتهم عليه . فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه{[33763]} بصخرة فيقتلوه . فقام يهوذا فمنعهم ، وقال : قد أعطيتموني{[33764]} موثقا ألا تقتلوه{[33765]} .
وقيل : كان الجب الذي ألقوه فيه ، لا ماء فيه . فأحدث الله فيه ماء ، حتى مال إليه الناس . وكان{[33766]} يهوذا يأتيه بالطعام .
والواو في ( وأجمعوا ) زائدة للتأكيد ، وهو جواب ( لما ) .
قوله : { وأوحينا إليه }{[33767]} : أي : إلى يوسف{[33768]} لتخبرن إخوتك بأمرهم هذا الذي صنعوا بك ، وهم لا يعلمون ، ولا يدرون{[33769]} . ( و ){[33770]} هذا يدل على أنه أوحي إليه قبل البلوغ ( بإلهام ){[33771]} ، أو في منام ، أو برسول .
وقيل : المعنى ( أوحى الله عز وجل إليه لتخبرنهم{[33772]} بما ) { صنعوا{[33773]} } ، وهم لا يشعرون بالوحي الذي أوحى ( الله{[33774]} عز وجل ) إليه{[33775]} .
قال مجاهد ، وابن زيد : وقيل : المعنى : { وهم لا يشعرون } ، ( أن ){[33776]} الذي يخبرهم بصنيعهم هو يوسف{[33777]} .
وقيل : المعنى : { وهم لا يشعرون } أنه نبي يوحى إليه{[33778]} .
وقيل : الهاء{[33779]} ليعقوب{[33780]} ، أي{[33781]} : أوحى الله إلى يعقوب أن ابنك كاده{[33782]} إخوته ، ولتعرفنهم بكيدهم ، { وهم لا يشعرون } : أي : وإخوة يوسف/ ( لا يشعرون بالوحي إلى{[33783]} يعقوب ){[33784]} .
( قال ابن عباس : لما دخل إخوة يوسف ){[33785]} على يوسف . ( عرفهم ){[33786]} ، { وهم له منكرون }[ 58 ] . فقال : جئ{[33787]} بالصواع . فوضعه على يديه{[33788]} ، ( ثم ) نقره ، فطن{[33789]} فقال : إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم ، يقال له : يوسف ، يدنيه{[33790]} دونكم{[33791]} ، وأنكم انطلقتم به{[33792]} ، فألقيتموه في غيابات{[33793]} الجب . قال : ثم نقره{[33794]} ، فطن{[33795]} فأتيتم{[33796]} أباكم فقلتم : إن الذئب أكله ، وجئتم على قميصه بدم كذب . فقال{[33797]} بعضكم لبعض : إن هذا الجام ليخبره بخبركم . فذلك معنى { لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون }[ 15 ] أنك يوسف{[33798]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.