الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (15)

قوله : { فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه }[ 15 ] : أي : أجمع رأيهم ، وعزموا على ذلك{[33739]} . { وأوحينا{[33740]} إليه لتنبئنهم بأمرهم }[ 15 ] : أي : لتخبرهم بما صنعوا بك ، وهم{[33741]} لا يعلمون بك{[33742]} .

قال الضحاك : لما ألقي يوسف في الجب ، نزل إليه جبريل ، عليه السلام ، فقال له : يا يوسف : ألا أعلمك كلمات إذا أنت قلتهم عجل الله لك بخروجك من هذا{[33743]} الجب . فقال{[33744]} : نعم ، فقال له جبريل ، صلوات الله عليه{[33745]} : قل يا صانع كل مصنوع ، ويا جابر كل كسير ، ويا شاهد كل نجوى ويا حاضر كل ملأ ، ويا مفرح كل كربة ، ويا صاحب كل غريب ، ويا مؤنس كل وحشة : أيتني بالفرح والرخاء ، وأقذف رجاءك في قلبي حتى لا أرجو أحدا سواك{[33746]} . فرددها يوسف عليه السلام{[33747]} ، في ليلته مرارا فأخرجه الله عز وجل{[33748]} ، في صب[ ي{[33749]} ]حة يومه ذلك من الجب{[33750]} .

وقال السدي : خرجوا به ، وله عليهم كرامة ، فلما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة ، وجعل{[33751]} أخوه يضربه ، فيستغيث{[33752]} بالآخر ( فيضربه فجعل لا يرى منهم{[33753]} رحيما فضربوه{[33754]} حتى كادوا يقتلونه . فجعل يصيح ، ويقول : يا أبتاه ! {[33755]} يا يعقوب ! لو علمت ما صنع بابنك بنو الإماء . فلما كادوا يقتلونه ، قال يهوذا : أليس قد أعطيتموني{[33756]} موثقا من الله لا تقتلونه{[33757]} . فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه ، فجعلوا يدلونه في البئر وهو يتعلق بشفير البئر . فربطوا يديه ونزعوا عنه{[33758]} قميصه .

فقال : يا ( أ )خوتاه : ردوا علي قميصي ، أتوارى به في الجب . فقالوا له : ادع{[33759]} الشمس والقمر ، والأحد عشر كوكبا ليؤنسوك{[33760]} . فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إِرَادَةَ أن يموت . فكان في البير ماء ، فسقط فيه ثم أوى إلى الصخرة فيها . فقام عليها ، وجعل{[33761]} يبكي ، فنادوه ، فظن{[33762]} أنها رحمة منهم ، أدركتهم عليه . فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه{[33763]} بصخرة فيقتلوه . فقام يهوذا فمنعهم ، وقال : قد أعطيتموني{[33764]} موثقا ألا تقتلوه{[33765]} .

وقيل : كان الجب الذي ألقوه فيه ، لا ماء فيه . فأحدث الله فيه ماء ، حتى مال إليه الناس . وكان{[33766]} يهوذا يأتيه بالطعام .

والواو في ( وأجمعوا ) زائدة للتأكيد ، وهو جواب ( لما ) .

قوله : { وأوحينا إليه }{[33767]} : أي : إلى يوسف{[33768]} لتخبرن إخوتك بأمرهم هذا الذي صنعوا بك ، وهم لا يعلمون ، ولا يدرون{[33769]} . ( و ){[33770]} هذا يدل على أنه أوحي إليه قبل البلوغ ( بإلهام ){[33771]} ، أو في منام ، أو برسول .

وقيل : المعنى ( أوحى الله عز وجل إليه لتخبرنهم{[33772]} بما ) { صنعوا{[33773]} } ، وهم لا يشعرون بالوحي الذي أوحى ( الله{[33774]} عز وجل ) إليه{[33775]} .

قال مجاهد ، وابن زيد : وقيل : المعنى : { وهم لا يشعرون } ، ( أن ){[33776]} الذي يخبرهم بصنيعهم هو يوسف{[33777]} .

وقيل : المعنى : { وهم لا يشعرون } أنه نبي يوحى إليه{[33778]} .

وقيل : الهاء{[33779]} ليعقوب{[33780]} ، أي{[33781]} : أوحى الله إلى يعقوب أن ابنك كاده{[33782]} إخوته ، ولتعرفنهم بكيدهم ، { وهم لا يشعرون } : أي : وإخوة يوسف/ ( لا يشعرون بالوحي إلى{[33783]} يعقوب ){[33784]} .

( قال ابن عباس : لما دخل إخوة يوسف ){[33785]} على يوسف . ( عرفهم ){[33786]} ، { وهم له منكرون }[ 58 ] . فقال : جئ{[33787]} بالصواع . فوضعه على يديه{[33788]} ، ( ثم ) نقره ، فطن{[33789]} فقال : إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم ، يقال له : يوسف ، يدنيه{[33790]} دونكم{[33791]} ، وأنكم انطلقتم به{[33792]} ، فألقيتموه في غيابات{[33793]} الجب . قال : ثم نقره{[33794]} ، فطن{[33795]} فأتيتم{[33796]} أباكم فقلتم : إن الذئب أكله ، وجئتم على قميصه بدم كذب . فقال{[33797]} بعضكم لبعض : إن هذا الجام ليخبره بخبركم . فذلك معنى { لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون }[ 15 ] أنك يوسف{[33798]} .


[33739]:انظر: المصدر السابق.
[33740]:ط: أوحينا.
[33741]:ق: فهم.
[33742]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/575.
[33743]:ق: هذه.
[33744]:ق: فقال له.
[33745]:ط: صم.
[33746]:ط: سرتك.
[33747]:ط: صم.
[33748]:ساقط من ق.
[33749]:انظر المصدر السابق.
[33750]:انظر هذا القول في: الجامع 9/95.
[33751]:ق: فجعل.
[33752]:ق: فجعل فيستغيث.
[33753]:ساقط من ط.
[33754]:ط: مطموس.
[33755]:ق: يا بتا.
[33756]:ساقط من ق.
[33757]:ق: تقتلني.
[33758]:ق: عليه.
[33759]:ق: ادعوا بالشمس. ط: ادع بالشمس والتصويب من الطبري.
[33760]:ط: يؤنسوك.
[33761]:ق: فجعل.
[33762]:ط: وظن.
[33763]:ق: يترحوه.
[33764]:ق: اعطموني.
[33765]:انظر هذا الخبر في: جامع البيان 15/573-576، وهو من الإسرائيليات.
[33766]:ق: فكان.
[33767]:انظر هذا الخبر في: جامع البيان 15/573-576 وهو من الإسرائيليات.
[33768]:ط: صم.
[33769]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/575.
[33770]:ساقط من ق.
[33771]:انظر: الجامع 9/94.
[33772]:ساقط من ق.
[33773]:ساقط من ط.
[33774]:ساقط من ق.
[33775]:انظر هذا المعنى في: جامع البيان 15/575.
[33776]:ساقط من ط.
[33777]:ط:صم وانظر هذين القولين في: الجامع 9/95، ولم ينسبه.
[33778]:وهو قول ابن عباس ومجاهد في الجامع 9/95.
[33779]:ط: أنها.
[33780]:ط: صم.
[33781]:ساقط من ق.
[33782]:ق: كادوه..
[33783]:ساقط من ق.
[33784]:انظر هذا التوجيه في: الجامع 9/95.
[33785]:ما بين القوسين ساقط من ق.
[33786]:ساقط من ق.
[33787]:ق: جيئ.
[33788]:ط: يده.
[33789]:في النسختين معا: فظن وهو خطأ.
[33790]:ق: يدنيه يدنيه، وهو سهو من الناسخ ط: يدينه.
[33791]:ق: دينكم.
[33792]:ط: إن طلقتم.
[33793]:ط: غياب.
[33794]:ساقط من ط.
[33795]:ق: فصر.
[33796]:ط: فظن.
[33797]:ط: قال.
[33798]:انظر هذا الخبر في: جامع البيان 15/576-577 وهو من الإسرائيليات.