جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (139)

{ ولا تهِنوا ولا تحزنوا } : لا تضعفوا عن الحرب بسبب غلبة الكفار يوم أحد ، ولا تحزنوا على ما وقع عليكم ، { وأنتم{[828]} الأعْلَون } ، والحال إنكم الأعلى والغالب في الدنيا والآخرة ، والعاقبة لكم ، والخسار لهم ، { إن كنتم مؤمنين } متعلق بلا تهنوا أي : لا تهنوا إن صح إيمانكم ؛ فإن الإيمان يورث قوة القلب ، ويمكن أن يتعلق بأنتم الأعلون أي : غلبتكم ، ونصرتكم متحققة إن كنتم مؤمنين ، أي : إن كان إيمانكم متحققا فالنصرة متحققة .


[828]:فانظر إلى خطاب هذه الأمة خوطبوا كما خاطب موسى عليه الصلاة والسلام إذ قال: {لا تخف إنك أنت الأعلى} (طه: 68) بل في هذا مزيد اعتناء قال: {ولا تحزنوا} أخرج ابن جرير وغيره عن ابن جريج قال: انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب يوم أحد فسألوا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وما فعل فلان؟ فنعى بعضهم لبعض وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل فكانوا في هم وحزن، فبينما هم كذلك علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم على الجبل، وكانوا على إحدى جنبتي المشركين، وهم أسفل من الشعب فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم فرحوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا قوة لنا إلا بك، وليس أحد يعبدك بهذا البلد غير هؤلاء فلا تهلكهم)، فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله، وعلا المسلمون الجبل فذلك قوله: {وأنتم الأعلون}/12 فتح [أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج معضلا، كما في الدر المنثور للسيوطي (2/140)].