الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (139)

قوله : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا ) الآية [ 139 ] هذه الآية تعزية لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيما أصابهم يوم أحد من الجراح ، والقتل فعزَّاهم الله ، وبشّرهم أنهم الأعلون . ومعنى ( وَلاَ تَهِنُوا )( {[10910]} ) : لا تضعفوا عن قتال عدوكم ( وَلاَ تَحْزَنُوا ) على ما فات ، فإلى النعيم المقيم صار ، وأنتم مع ذلك الظافرون فيما تستقبلون ( إِن كُنْتُمْ مُّومِنِينَ ) أي : مصدقين لمحمد صلى الله عليه وسلم وما أتى به .

قال ابن جريج : لما انهزم أصحاب النبي عليه السلام يوم أحد في الشعب قالوا : ما فعل فلان ، ما فعل فلان ؟ فنعى بعضهم بعضاً ، وتحدثوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم [ قتل ، فكانوا في هم وحزن على النبي صلى الله عليه وسلم ] فبينا هم كذلك إذ علا خالد بن الوليد [ الجبل ]( {[10911]} ) بخيل من المشركين فلما رأى المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم فرحوا ، وثاب قوم من الرماة [ من المسلمين فصعدوا الجبل فرموا المشركين حتى انهزموا وعلا المسلمون الجبل فنزل ( وَأَنْتُمُ( {[10912]} ) الاَعْلَوْنَ ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم لا قوة إلا بك وليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر " ( {[10913]} ) .

قال ابن عباس : لما أتى خالد بن الوليد يريد أن يعلو الجبل بخيل معه ، قال النبي عليه السلام : " اللهم لا يعلون علينا " فأنزل الله : ( وَلاَ تَهِنُوا ) الآية( {[10914]} ) .


[10910]:- وَهَنَ يَهِنُ وَهْناً، والوهن الضعف في الخلق والخلق والعمل والأمر. انظر: المفردات 572 واللسان (وهن) 3/453.
[10911]:- ساقط من (د).
[10912]:- ساقط من (أ).
[10913]:- انظر: جامع البيان 4/120 وأسباب النزول 71 وسيرة ابن كثير 3/45.
[10914]:- انظر: سيرة ابن هشام 2/96.