وهن الشيء ضعف ، ووهنه الشيء أضعفه .
وفي الحديث : « وهنتهم حمى يثرب والوهن » والوهن الضعف .
فأصبح الحبل منها واهناً خلقا ***
{ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } .
لمّا انهزَم مَن انهزم من المؤمنين أقبل خالدٌ يريد أنْ يعلوَ الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يعلن علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك » فنزلت قاله : ابن عباس .
وزاد الواقدي : أنّ رماة المسلمين صعدوا الجبل ورموا بحبل المشركين حتى هزموهم ، فذلك قوله : { وأنتم الأعلون } .
وقال القرطبي : وأنتم الغالبون بعد أحد ، فلم يخرجوا بعد ذلك إلا ظفروا في كل عسكر كان في عهده عليه السلام ، وفي كل عسكر كان بعدُ ولو لم يكن فيه إلاّ واحدٌ من الصحابة .
وقال الكلبي : نزلت بعد أحد حين أمروا بطلب القوم مع ما أصابهم من الجراح .
وقال : لا يخرج إلاّ من شهد معنا أمس ، فاشتدّ ذلك على المسلمين فنزلت .
نهاهم عن أن يضعفوا عن جهاد أعدائهم ، وعن الحزن على من استشهد من إخوانهم ، فإنّهم صاروا إلى كرامة الله قاله : ابن عباس .
أو لأجل هزيمتهم وقتلهم يوم أحد قاله : مقاتل .
أو لما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من شجّه وكسر رباعيته ذكره : الماوردي .
أو لما فات من الغنيمة ذكره : أحمد النيسابوري .
وآنسهم بقوله : وأنتم الأعلون ، أي الغالبون وأصحاب العاقبة .
وهو إخبار بعلو كلمة الإسلام قاله : الجمهور ، وهو الظاهر .
وقيل : { أنتم الأعلون } ، أي قد أصبتم ببدر ضعف ما أصابوا منكم بأحد أسراً وقتلاً فيكونُ وأنتم الأعلون نصباً على الحال ، أي لا تحزنوا عالين أي منصورين على عدوكم انتهى .
وأما كونُه من علوهم الجبل كما أشير إليه في سبب النزول فروي ذلك عن ابن عباس وابن جبير .
قال ابن عطية : ومن كرم الخلق أن لا يهن الإنسان في حربه وخصامه ، ولا يلين إذا كان محقاً ، وأن يتقصى جميع قدرته ، ولا يضرع ولو مات .
وإنما يحسن اللين في السلم والرضا ، ومنه قوله عليه السلام : « المؤمن هين لين والمؤمنون هينون لينون » وقال منذر بن سعيد : يجب بهذه الآية ألا يوادع العدو ما كانت للمسلمين قوة وشوكة ، فإن كانوا في قطر مّا على غير ذلك فينظر الإمام لهم في الأصلح انتهى .
وفي قوله : وأنتم الأعلون دلالة على فضيلة هذه الأمة ، إذ خاطبهم مثل ما خاطب موسى كليمه صلى الله عليه وسلم على نبينا وعليه ، إذ قال له : لا تخف إنك أنت الأعلى .
وتعلق قوله : إن كنتم مؤمنين بالنهي ، فيكون ذلك هزاً للنفوس يوجب قوة القلب والثقة بصنع الله ، وقلة المبالاة بالأعداء .
أو بالجملة الخبرية : أي إنْ صدقتم بما وعدكم وبشركم به من الغلبة .
ويكون شرطاً على بابه يحصل به الطعن على من ظهر نفاقه في ذلك اليوم ، أي : لا تكون الغلبة والعلو إلا للمؤمنين ، فاستمسكوا بالإيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.