غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (139)

130

ثم لما بيّن هذه المقدمات ومهدها ذكر المقصود وهو قوله : { ولا تهنوا } . كأنه قال : إذا بحثتم عن أحوال القرون الخالية علمتم أن صولة الباطل تضمحل ، وأن العاقبة والغلبة لأرباب الحق . والوهن الضعف أي لا تضعفوا عن الجهاد ولا يورثنكم ما أصابكم يوم أحد وهناً وجبناً { ولا تحزنوا } على من قتل منكم وجرح { وأنتم الأعلون } وحالكم أنكم أعلى منهم وأغلب لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أحد أو أنتم الأعلون شأنا لأن قتالكم لله وقتالهم للشيطان وقتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار ، أو أنتم الأعلون بالحجة والعاقبة الحميدة كقوله :{ والعاقبة للمتقين }[ الأعراف :128 ] وفي هذا تسلية لهم وبشارة . وقوله : { إن كنتم مؤمنين } إما أن يكون قيداً لقوله : { وأنتم الأعلون } أي إن كنتم مصدقين بما يعدكم الله ويبشركم به من الغلبة ، وإما أن يكون قيداً لقوله : { ولا تهنوا } أي إن صح إيمانكم بالله وبحقية هذا الدين فلا تضعفوا لثقتكم بأن الله سيتم هذا الأمر . قال ابن عباس : انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد . فبينما هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا يعلون علينا ، اللهم لا قوة لنا إلا بك ، اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر " . فأنزل الله تعالى هذه الآية . وثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم فذلك قوله { وأنتم الأعلون }

/خ141