لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (139)

قوله عز وجل : { ولا تهنوا ولا تحزنوا } نزلت يوم أحد حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطلب القوم مع ما أصابهم من الجراح ، فاشتد ذلك على المسلمين ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وحث فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد على ما أصابهم من الجراح والقتل . وكان قد قتل يوم أحد من الأنصار سبعون رجلاً ومن المهاجرين خمسة رجال منهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصعب بن عمير . ومعنى الآية ولا تهنوا : أي ولا تضعفوا عن الجهاد ، ولا تحزنوا : يعني على من قتل منكم لأنهم في الجنة ، { وأنتم الأعلون } : يعني بالنصر والغلبة عليهم وأن العاقبة لكم ، وقال ابن عباس : انهزم أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم في الشعب فأقبل خالد بن الوليد في خيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا يعلون علينا اللهم لا قوة لنا إلاّ بك " فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى انهزموا وعلا المسلمون الجبل فذلك قوله تعالى : { وأنتم الأعلون } وقيل وأنتم الأعلون لأن حالكم خير من حالهم لأن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار وأنتم تقاتلون على الحق وهم يقاتلون على الباطل . وقيل وأنتم الأعلون في العاقبة لأنكم تظفرون بهم وتستولون عليهم ، { إن كنتم مؤمنين } : أي إذ كنتم مؤمنين وقيل معناه إن كنتم مصدقين بأن ناصركم هو الله تعالى فصدقوا بذلك فإنه حق وصدق .