جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِي عَلَيۡكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذۡ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيۡـَٔةِ ٱلطَّيۡرِ بِإِذۡنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيۡرَۢا بِإِذۡنِيۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (110)

{ إذ قال{[1344]} الله } ، بدل من يوم الجمع أو بتقدير اذكر ، { يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك{[1345]} إذ أيّدتك } : قويتك ظرف نعمتي ، أو حال منهما ، { بروح القُدس } : جبريل ، وقيل بكلام ونفس يحيي به الدين ، والموتى ، { تكلم الناس } : بدعوتهم إلى الله تعالى ، { في المهد وكهلا } ، عطف على محل في المهد فإنه حال قالوا ، وما وصل إلى سن من الكهولة ، ففيه إشارة إلى نزوله من السماء ، وهو آية من آياته ، { وإذ علّمتك الكتاب } : الخط ، { والحكمة } : الفهم ، { والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير } : تشكله وتصوره على هيئة طائر ، { بإذني } : لك في ذلك ، { فتنفخ فيها } : في تلك الصورة ، { فتكون طيرا } : تطير ، { بإذني } : وأمري { وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تُخرج الموتى بإذني } : بأن تدعوهم فيقومون من قبورهم بإرادة الله وقدرته ، { وإذ كففت بني إسرائيل عنك } أي : عن قتلك ، { إذ جئتهم بالبينات } ، ظرف لكففت ، { فقال الذين كفروا منهم إن هذا } أي : ما هذا ، { إلا سحر مبين } .


[1344]:اعلم أن الغرض من قوله تعالى لرسل: (ماذا أجبتم) توبيخ من تمرد من أممهم وأشد الأمم افتقارا إلى التوبيخ والملامة النصارى الذين يزعمون أنهم أتباع عيسى عليه السلام؛ لأن طعن سائر الأمم كان مقصورا للأنبياء، وطعن هؤلاء الملاعين تعدى إلى جلال الله، وكبريائه حيث وصفوه بما لا يليق بعاقل أن يصف الإله به، وهو اتخاذ الزوجة، والولد فلا جرم ذكر تعالى أنه يعدد أنواع نعمه على عيسى بحضرة الرسل واحدة فواحدة، والمقصود منه توبيخ النصارى، وتقريعهم على سوء مقالتهم فإن كل واحدة من تلك النعم المعدودة على عيسى تدل على أنه عبد، وليس بإله، والفائدة في هذه الحكاية تنبيه النصارى على قبح مقالتهم، وركاكة مذهبيهم واعتقادهم/12 كبير.
[1345]:ونعمته على أمه ما هي مذكورة في مواضع من براءتها مما نسب عليها وغير ذلك/12 وجيز.