جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الممتحنة مدنية وآياتها ثلاث عشرة وفيها ركوعان .

بسم الله الرحمن الرحيم :

{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } نزلت في حاطب بن{[4984]} أبي بلتعة ، لما كتب إلى كفار مكة ، حين أراد عليه الصلاة والسلام الخروج إلى مكة- إن المؤمنين قد جاءوكم فاحذروا ، وأرسل بيد امرأة ، فبعث عليه السلام عليا وعمارا وغيرهما ، وأخذوا منها الكتاب ، فخاطب عليه السلام حاطبا فقال : يا رسول الله ، والله إني لمؤمن بالله ورسوله ، لكن كنت امرءا ملصقا في قريش ، عندهم أهلي ومالي ، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله ، فكتب إليهم بذلك . فقال عليه السلام : " صدق حاطب ، لا تقولوا له إلا خيرا " { تلقون إليهم } أخبار المؤمنين { بالمودة } بسببها أو تفضون إليهم بالمودة ، فيكون من باب التضمين ، لا أن الباء زائدة والجملة حال أو صفة لأولياء { وقد كفروا بما جاءهم من الحق } حال من الفاعل { يخرجون الرسول وإياكم } أي : من مكة استئناف أو حال من كفروا { أن تؤمنوا } أي : بأن تؤمنوا { بالله ربكم إن كنتم خرجتم } من الأوطان { جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي } جواب الشرط ما يدل عليه لا تتخذوا { تسرون إليهم بالمودة } مثل تلقون إليهم بالمودة ، والجملة استئناف ، كأنه قيل : لم لا نتخذ ؟ فقيل تسرون إلى آخره ، يعني توادونهم سرا ، وأنا مطلع على سركم ومطلع عليه رسولي ، فلا طائل { وأنا أعلم } منكم { بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله } أي : الاتخاذ { منكم فقد ضل سواء السبيل } طريق الصواب .


[4984]:كما في البخاري/12.