معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (119)

وقوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ 118 إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ 119 } ، يقول : ( لا يَزَالونَ ) ، يعنى : أهل الباطل ، { إلا من رحم ربك } ، أهلَ الحقّ ، ( وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) ، يقول : للشقاء وللسعادة . ويقال : { ولا يزالونَ مختلفينَ إلاّ من رحم ربُّكَ ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } : للاختلاف والرحمة .

وقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ 119 } ،

صار قوله عزّ وجلّ : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } ، يمينا ، كما تقول : حَلِفي لأضربنَّك ، وبدا لي لأضربنّك . وكلّ فعل كان تأويله كتأويل بلغني ، وقيل لي ، وانتهي إلىّ ، فإن اللام وأَن تصلحان فيه . فتقول : قد بدا لي لأضربنّك ، وبدا لي أن أضربك . فلو كان : وتَمَّت كلمة ربك أن يملأ جهنم كانَ صواباً ، وكذلك : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } ، ولو كان : أن يسجنوه ، كان صواباً .