تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (119)

وقالت المعتزلة : قوله : ( ولا يزالون مختلفين ) ( إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) أي للرحمة خلقهم فقال بعض متكلمي أصحابنا : إن الرحمة تذكر بالتأليف ، وهو إنما ذكر بالتذكير حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( ولذلك خلقهم ) [ ولم يقل : ولتلك خلقهم ][ من م ، ساقطة من الأصل ] دل أنه ليس على ما يقولون .

قال قائلون : للاختلاف خلقهم ( إلا من رحم ربك ) . وقال بعضهم : هو صلة قوله : ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )[ هود : 117 ] أي خلقهم لئلا يهلك ( القرى بظلم وأهلها مصلحون ) .

وعندما ذكرنا ؛ أي خلقهم للذي علم أنه يكون منهم ، وأنهم يصيرون إليه من الاختلاف أو الاتفاق ، والعداوة أو[ في الأصل وم : و ] الولاية ، لا يخلقهم لغير الذي علم أنه يكون منهم ، ولا يريد أيضا غير ما علم أنهم يصيرون إليه ، ولا يعلم غير ما يكون منهم ، والله الموفق .

وتأويل المعتزلة في قوله : ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) أنها مشيئة القسر والقهر ، فذلك بعيد لأنه لا يكون في حال القهر والاضطرار إيمان لأن من أكره ، واضطر على الإيمان حتى آمن ، فإنه لا يكون ؛ إنما يكون الإيمان إيمانا ي حال الاختيار ؛ إذا آمن يختار ممتحنا فيه . فعند ذلك يكون إيمانه إيمانا . دل أن تأويلهم فاسد .