" إلا من رحم ربك " استثناء منقطع ، أي لكن من رحم ربك بالإيمان والهدى فإنه لم يختلف . وقيل : مختلفين في الرزق ، فهذا غني وهذا فقير . " إلا من رحم ربك " بالقناعة ، قاله الحسن . " ولذلك خلقهم " قال الحسن ومقاتل ، وعطاء ويمان{[8918]} : الإشارة للاختلاف ، أي وللاختلاف خلقهم . وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك : ولرحمته خلقهم ، وإنما قال : " ولذلك " ولم يقل ولتلك ، والرحمة مؤنثة لأنه مصدر ، وأيضا فإن تأنيث الرحمة غير حقيقي ، فحملت على معنى الفضل . وقيل . الإشارة بذلك للاختلاف والرحمة ، وقد يشارك ب " ذلك " إلى شيئين متضادين ، كقوله تعالى : " لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك{[8919]} " [ البقرة : 68 ] ولم يقل بين ذينك ولا تينك ، وقال : " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما{[8920]} " [ الفرقان : 67 ] وقال : " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا{[8921]} " [ الإسراء : 110 ] وكذلك قوله : " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا{[8922]} " [ يونس : 58 ] وهذا أحسن الأقوال إن شاء الله تعالى ؛ لأنه يعم ، أي ولما ذكر خلقهم ، وإلى هذا أشار مالك رحمه الله فيما روى عنه أشهب ، قال أشهب : سألت مالكا عن هذه الآية قال : خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير ، أي خلق أهل الاختلاف للاختلاف ، وأهل الرحمة للرحمة . وروي عن ابن عباس أيضا قال : خلقهم فريقين : فريقا يرحمه وفريقا لا يرحمه . قال المهدوي : وفي الكلام على هذا التقدير تقديم وتأخير ، المعنى : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ، وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ، ولذلك خلقهم . وقيل : هو متعلق بقوله " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " [ هود : 103 ] والمعنى : ولشهود ذلك اليوم خلقهم . وقيل : هو متعلق بقوله : " فمنهم شقي وسعيد " [ هود : 105 ] أي للسعادة والشقاوة خلقهم .
قوله تعالى : " وتمت كلمة ربك " معنى " تمت " ثبت ذلك كما أخبر وقدر في أزله ، وتمام الكلمة امتناعها عن قبول التغيير والتبديل . " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " " من " لبيان الجنس ، أي من جنس الجنة وجنس الناس . " أجمعين " تأكيد ، وكما أخبر أنه يملأ ناره كذلك أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم{[8923]} أنه يملأ جنته بقوله : ( ولكل واحدة منكما ملؤها ) . خرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقد تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.