معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوۡاْ بَيۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ مِنكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ ذَٰلِكُمۡ أَزۡكَىٰ لَكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (232)

وقوله : { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ . . . }

يقول : فلا تضيِّقوا عليهنّ أن يراجعن أزواجهنّ بمهر جديد إذا بانت إحداهنّ من زوجها ، وكانت هذه أخت معقِل ، أرادت أن تزوّج زوجها الأوّل بعدما انقضت عدّتها فقال مَعْقِل لها : وجهي من وجهِك حرام إن راجعتِه ، فأنزل الله عز وجل : { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } .

وقوله { ذلك يُوعَظُ بِهِ } ولم يقل : ذلكم ، وكلاهما صواب . وإنما جاز أن يخاطب القوم " بذلك " لأنه حرف قد كثر في الكلام حتى تُوُهّم بالكاف أنها( من الحرف ) وليست بخطاب . ومن قال " ذلك " جعل الكاف منصوبة وإن خاطب امرأة أو امرأتين أو نسوة . ومن قال " ذلكم " أسقط التوهّم ، فقال إذا خاطب الواحد : ما فعل ذلكِ الرجل ، وذلك الرجلان ، وأولئِك الرجال . [ و ] يقاس على هذا ما ورد . ولا يجوز أن تقول في سائر الأسماء إذا خاطبت إلا بإخراج المخاطب في الاثنين والجميع والمؤنَّث ؛ كقولك للمرأة : غلامِك فعل ذلك ؛ لا يجوز نصب الكاف ولا توحيدها في الغلام ؛ لأن الكاف ههنا لا يتوهَّم أنها من الغلام . ويجوز أن تقول : غلامِك فعل ذاكِ وذاكَ ، على ما فسَّرت لك : من الذهاب بالكاف إلى أنها من الاسم .