جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوۡاْ بَيۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ مِنكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ ذَٰلِكُمۡ أَزۡكَىٰ لَكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (232)

{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي : انقضت عدتهن { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } {[437]} أيها الأولياء ، وقيل : الضمير {[438]} للناس كلهم ، أي : لا يوجد فيما بينكم هذا الأمر ، { أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } أي : الذين كانوا أزواجا لهن ، نزلت في أخت {[439]} معقل بن يسار ، طلقها زوجها ، فلما انقضت عدتها جاء يخطبها ، ومعقل منع أن يتزوجها ، { إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم } أي : الخطاب والنساء ، وهو ظرف لا تعضلوهن أو لأن ينكحن ، { بِالْمَعْرُوفِ } : بما يعرفه الشرع ، وهو حال {[440]} عن الفاعل ، { ذَلِكَ } أي : النهي والخطاب لك أحد {[441]} ، أو الكاف لمجرد الخطاب دون تعيين المخاطب ، أو خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني : ما أنزل إليك وقلنا لك { يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ {[442]} بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ } أي : ترك العضل ، { أَزْكَى } : أنفع { لَكُمْ وَأَطْهَرُ } : من دنس الإثم ، { وَاللّهُ يَعْلَمُ } ، النافع {[443]} الصالح ، { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } : لقصور علمكم .


[437]:العضل: الحبس والتضييق/12، وفي الفتح "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن": الخطاب في هذه الآية إما أن يكون للأزواج، ويكون معنى العضل منهم أن يمنعوهن من أن يتزوجن من أردن من الأزواج، بعد انقضاء عدتهن لحمية الجاهلية، كما يقع لكثير من الخلفاء والسلاطين غيرة على من كن تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم، لأنهم لما نالوه من رياسة الدنيا، وما صاروا إليه من النخوة والكبرياء، يتخيلون أنهم قد خرجوا من جنس بني آدم، إلا من عصمه الله منهم بالورع والتواضع، وإما أن يكون الخطاب للأولياء، ويكون معنى إسناد الطلاق أنهم سبب له، بكونهم المزوجين للنساء المطلقات/12](: لا تمنعوهن [قيل: يدل هذا على أن ليس لهن اختيار في تزويج أنفسهن، بل الاختيار للأولياء وفيه بحث، لأنه يمكن أن الله تعالى منع هذا الظلم والتسلط الذي هو غير الحق/12
[438]:وعلى هذا لا يكون في الكلام انتشار الضمائر، فإن خطاب "وإذا طلقتم النساء" لا يصلح للأولياء قطعاً، ويصلح أن يكون للناس، ولهذا قيل: الوجه أن يكون الضمير للناس/12
[439]:هكذا رواه البخاري والترمذي وابن ماجة وغيرهم/12 [أخرجه البخاري في "التفسير" (4529)، وفي مواضع أخر من صحيحه].
[440]:قيل: تقديره تراضيا كائنا بالمعروف/12
[441]:نحو ذلك: "خير لكم وأظهر" [المجادلة: 12]
[442]:والمعنى: أن المؤمن هو الذي ينتفع بالوعظ دون غيره/12 فتح
[443]:أو معناه: الله يعلم ما في ذلك من الزكاة والطهر وأنتم لا تعلمونه/12