معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِنَا فَقُلۡ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡۖ كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ أَنَّهُۥ مَنۡ عَمِلَ مِنكُمۡ سُوٓءَۢا بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَأَنَّهُۥ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (54)

وقوله : { كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ }

تكسر الألف من ( أنّ ) والتي بعدها في جوابها على الائتناف ، وهي في قراءة القرّاء . وإن شئت فتحت الألف من ( أنّ ) تريد : كتب ربكم على نفسه أنه من عمل . ولك في ( أنّ ) التي بعد الفاء الكسر والفتح . فأما من فتح فإنه يقول : إنما يحتاج الكتاب إلى ( أنّ ) مرة واحد ؛ ولكن الخبر هو موضعها ، فلما دخلت في ابتداء الكلام أعيدت إلى موضعها ؛ كما قال : { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاما أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ } فلما كان موقع أنّ : أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم دخلت في أوّل الكلام وآخره . ومثله : { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ } بالفتح . ومثله : { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ } ولك أن تكسر ( إن ) التي بعد الفاء في هؤلاء الحروف على الاستئناف ؛ ألا ترى أنك قد تراه حسنا أن تقول : " كتب أنه من تولاه فهو يضله " بالفتح . وكذلك " وأصلح فهو غفور رحيم " لو كان لكان صوابا . فإذا حسُن دخول ( هو ) حسن الكسر .