معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ وَإِنۡ خِفۡتُمۡ عَيۡلَةٗ فَسَوۡفَ يُغۡنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦٓ إِن شَآءَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (28)

وقوله : { إِنَّما الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ }

لا تكاد العرب تقول : نِجْس إلا وقبلها رِجْس . فإذا أفردوها قالوا : نَجَس لا غير ؛ ولا يجمع ولا يؤنث . وهو مثل دَنَف . ولو أُنِّث هو ومثله كان صوابا ؛ كما قالوا : هي ضيفته وضيفه ، وهي أخته سَوْغه وسَوْغته ، وزوجه وزوجته .

وقوله : { إِذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ } . قال يومئذ رجل من المسلمين : والله لا نُغلب ، وكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون يؤمئذ عشرة آلاف ، وقال بعض الناس : اثنى عشر الفا ، فهزِموا هزيمة شديدة .

وهو قوله : { وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَتْ } والباء هاهنا بمنزلة في ؛ كما تقول : ضاقت عليكم الأرض في رُحْبها وبرُحْبها . حدّثنا محمد قال حدّثنا الفرَّاء ، قال : وحدّثني المفضل عن أبى إسحاق قال قلت للبراء بن عازب : يا أبا عُمارة أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ؟ قال : نعم والله حتى ما بقى معه منا إلا رجلان : أبو سفيان بن الحرث آخذا بلجامه ، والعباس بن عبد المطلب عند ركابه آخذا بثَفْره ، قال فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم كما قال لهم يوم بدر : شاهت الوجوه ،

أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب

قال : فمنحنا الله أكتافهم .

وقوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً }

يعنى فقرا . وذلك لما نزلت : { إِنَّما الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هذا } خاف أهل مكة أن تنقطع عنهم المِيرة والتجارة . فأنزل الله عز وجل : { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } . فذكروا أن تَبَالة وجُرَش أخصبتا ، فأغناهم الله بهما وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .