قوله : { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس } ، إلى قوله : { وهم صاغرون }[ 28 ، 29 ] .
ومعنى الآية : أن الله أمر المؤمنين أن يمنعوا المشركين من دخول المسجد الحرام . وقوله : { نجس } .
قال قتادة : " النجس " هنا : الجُنُب {[28460]} .
وأصل " النجس " : القذر {[28461]} . وإذا ذكرت قبل " النجس " : " الرجس " كسرت " النون " {[28462]} ، وأسكنت " الجيم " ، فقلت : هو رِجس نِجس على الاتباع {[28463]} .
وعنى بذلك : الحرم كله أن يمنعوا من دخوله ، وعلى ذلك قال عطاء : الحرم كله قبلة ومسجد {[28464]} .
وبظاهر هذه الآية يجب على المشرك إذا أسلم أن يغتسل ، وقد أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلمّ {[28465]} . وهو مذهب مالك {[28466]} ، وابن حنبل ، ولم يوجبه {[28467]} الشافعي واستحبه {[28468]} ، قال : إلا أن يكون يعلم أنه جُنُب فعليه أن يغتسل {[28469]} .
وقال الثوري ، والشافعي : ثياب المشركين على الطهارة حتى تعلم النجاسة ، واستحبا غسل الإزار والسراويل {[28470]} .
وقال مالك : إذا صلى في ثوب كان المشرك يلبسه ، أعاد من الصلاة ما كان في وقته .
وأكثرهم على أن لا بأس بالصلاة فيما نسجوا ، وهو مذهب مالك {[28471]} .
وهذه الآية ناسخة ، لما كان النبي عليه السلام ، قد صالح عليه المشركين أن لا يمنع أحد من البيت {[28472]} .
قال مالك : يمنع المشركون كلهم من أهل {[28473]} الكتاب وغيرهم من دخول الحرم ، ودخول كل المساجد . وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وقتادة {[28474]} .
وقال الشافعي : يمنع المشركون جميعا من دخول الحرم ، ولا يمنعون من دخول سائر المساجد {[28475]} .
وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد الحرام ، ولا من غيره ، ولا يمنع من ذلك إلا المشركون أهل الأوثان {[28476]} .
وقول الله عز وجل ، في اليهود والنصارى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا [ من دون الله {[28477]} ] }[ 31 ] الآية ، يدل على جوازهم تسميهم مشركين ، وقد نص الله على ذلك بقوله : { عما يشركون } في آخر الآية .
وقوله : { بعد عامهم هذا }[ 28 ] .
هو العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه بالناس ، ونادى علي ب : " براءة " في الموسم ، /وذلك لتسع سنين مضين من الهجرة ، وحج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوادع في العام المقبل سنة عشر من الهجرة {[28478]} .
وقوله : { وإن خفتم عيلة }[ 28 ] .
[ أي {[28479]} ] : إن خفتم ، أيها المؤمنون ، فقرا ، بمنعنا {[28480]} المشركين أن يأتوكم إلى الحرم بالتجارات ، { فسوف يغنيكم الله من فضله } {[28481]}[ 28 ] ، فأغناهم الله بأخذ الجزية منهم بقوله : { قاتلوا الذين لا يومنون بالله } ، إلى قوله : { حتى يعطوا الجزية }[ 29 ] {[28482]} .
وقيل : أغناهم بإدرار المطر عليهم {[28483]} .
قال ابن عباس : ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزَن ، عن منع المشركين من دخول الحرم ، وقال لهم : من أين تأكلون ، وقد انقطعت عنكم العير {[28484]} ؟ فأنزل الله عز وجل : { وإن خفتم عيلة } الآية {[28485]} .
أي : عليم بما حدثتكم به نفوسكم من خوف العيلة ، بمنعنا {[28486]} المشركين أن يأتوا إليكم ، وبغير ذلك من مصالحكم {[28487]} ، { حكيم }[ 28 ] ، في تدبيره {[28488]} .
و " العيلة " مصدر " عال يعيل " : إذا افتقر {[28489]} .
وحكي : " عال يعول " [ في ] {[28490]} الفاقة {[28491]} .
وبمصحف عبد الله : " عائلة " {[28492]} ، أي : خصلة شاقة ، يقال : عالني الأمر ، أي : شق عليّ واشتد {[28493]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.