السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ} (101)

ولما بين الله تعالى في الآيات السابقة أنّ الإيمان لا يحصل إلا بتخليق الله تعالى ومشيئته أمر بالنظر والاستدلال في الدلائل بقوله تعالى : { قل انظروا } أي : قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يسألونك الآيات { ماذا } أي : الذي { في السماوات والأرض } من الآيات وواضح الدلالات من عجائب صنعه ليدلكم على وحدته وكمال قدرته ، ففي العالم العلوي الشمس والقمر وهما دليلان على الليل والنهار والنجوم وحركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها ، والكواكب وما يختص بذلك من المنافع ، وفي العالم السفلي الجبال والبحار والمعادن والنبات والحيوان ، وأخصها حال الإنسان . كل ذلك من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى ، وانه خالقها ، كما قال القائل :

وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه واحد

وقرأ عاصم وحمزة في الوصل بكسر اللام والباقون بضمها ، وأمّا الهمزة من { انظروا } فكل القراء يبتدئون بالضم { وما تغني الآيات } أي : وإن كانت في غاية الوضوح { والنذر } جمع نذير ، أي : الرسل { عن قوم لا يؤمنون } في علم الله تعالى وحكمه .

تنبيه : قال النحويون : ما هنا تحتمل وجهين الأوّل : أن تكون نفياً بمعنى أنّ هذه الآيات والنذر لا تفيد الفائدة في حق من حكم الله تعالى عليه بأنه لا يؤمن كقولك : لا يغني عنك المال إذا لم تنفق . والثاني : أن تكون استفهاماً كقولك ، أي : شيء يغني عنهم ، وهو استفهام بمعنى الإنكار .