قوله تعالى : { خَوْفاً وَطَمَعاً } : يجوز أن يكونا مصدرين ناصبهما محذوفٌ ، أي : يخافون خَوْفاً ويطمعون طَمَعاً . ويجوز أن يكونا مصدرين في موضعِ نصبٍ على الحال ، وفي صاحبِ الحال حينئذٍ وجهان ، أحدهما : أنه مفعولُ " يُرِيْكم " الأول ، أي : خائفين طامعين ، أي : تخافون صواعقَه ، وتطمعون في مطره ، كما قال المتنبي :
فتىً كالسَّحابِ الجُونِ يُخْشَى ويُرْتَجى *** يُرَجَّى الحَيا منها وتُخْشى الصَّواعِقُ
والثاني : أنه البرقُ ، أي : يريكموه حالَ كونِه ذا خوفٍ وطمع ، أو هو في نفسه خوفٌ وطمعٌ على المبالغة ، والمعنى كما تقدَّم . ويجوز أن يكونَ مفعولاً من أجله ، ذكره أبو البقاء ، ومنعه الزمخشري بعدمِ اتحاد الفاعلِ ، يعني أنَّ فاعلَ الإرادةِ وهو الله تعالى غيرُ فاعلِ الخوف والطمع وهو ضميرُ المخاطبين ، فاختلف فاعلُ الفعل المُعَلَّل وفاعلُ العلَّة . وهذا يمكن أن يجابَ عنه : بأنَّ المفعولَ في قوة الفاعل ، فإنَّ معنى " يُريكم " يجعلكم رائين ، فتخافون وتطمعون ، ومثلُه في المعنى قول/ النابغة الذبياني :
وحَلَّتْ بيوتي في يَفاعٍِ مُمَنِّعٍ *** تَخال به راعي الحَمولةِ طائرا
حِذاراً على أن لا تُنال مَقَادَتي *** ولا نِسْوتي حتى يَمُتْنَ حَرائِرا
ف " حِذاراً " مفعولٌ من أجله ، وفاعلُه هو المتكلم ، والفعل المُعَلِّل الذي هو " حَلَّتْ " فاعلُه " بيوتي " ، فقد اختلف الفاعل . قالوا : لكن لمَّا كان التقدير : وأَحْلَلْتُ بيوتي حِذاراً صَحَّ ذلك .
وقد جوَّز الزمخشري : ذلك أيضاً على حَذْفِ مضاف فقال : " إلاَّ على تقدير حَذْفِ المضاف ، أي : إرادةَ خوفٍ وطَمَع " . وجوَّزه أيضاً على أنَّ بعضَ المصادر ناب عن بعض ، يعني : ان الأصلَ : يُريكم البرقَ إخافةً وإطماعاً ؛ فإنَّ المُرْئِيَّ والمُخِيفَ والمُطْمِعَ هو اللهُ تعالى ، وناب " خوف " عن إخافة ، و " طمع " عن إطماع نحو : { أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] ، على أنه قد ذهب جماعةٌ منهم ابنُ خروفٍ إلى أنَّ اتحادَ الفاعل ليس بشرطٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.