قوله تعالى : { وَهُمْ يُجَادِلُونَ } : يجوز أن تكون الجملةُ مستأنفةً أخبر عنهم بذلك ، ويجوز أن تكونَ حالاً . وظاهر كلام الزمخشري أنها حالٌ مِنْ مفعول " يُصِيب " ، فإنه قال : " وقيل : الواوُ للحال ، [ أي : فيصيب بها مِنْ يشاء في حالِ جِدالِهم " ] ، وجعلها غيرُه حالاً من مفعول " يشاء " .
قوله : { وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } [ هذه الجملة حالٌ من الجلالة ] الكريمة ، ويَضْعُفُ استئنافُها . وقرأ العامَّةُ بكسر الميم ، وهو القوة والإِهلاك ، قال عبد المطلب :
لا يَغْلِبَنَّ صَلِيْبُهُمْ *** ومِحالُهم عَدْواً مِحالَكْ
فَرْعُ نَبْعٍ يهتزُّ في غُصُنِ المَجْ *** دِ عظيمُ النَّدَى شديد المِحالِ
والمِحال أيضاً : أشدُّ المكايدة والمماكرة ، يقال : ماحَلَه مُمَاحَلةً ، ومنه : تَمَحَّلَ فلانٌ لكذا ، أي : تكلَّف له استعمالَ الحيلة . وقال أبو زيد : " هو النِّقْمة " . وقال ابنُ عرفةَ ، " هو الجِدال " [ وفيه على هذا ] مقابلةٌ معنوية كأنه قيل : وهم يجادلون في الله وهو شديدُ الجِدال .
[ واختلفوا في ميمه ] : فالجمهور على أنها أصليةٌ من المَحْلِ وهو المَكْرُ والكيد ، ووزنُه فِعال كمِهاد . وقال القتبي : إنه مِنَ الحيلة ، وميمُه مزيدةٌ ، كمكان من الكون ، ثم يقال : تمكَّنْتُ . وقد غلَّطه الأزهري وقال : لو كان مِفْعَلاً مِنَ الحيلة لظهرت مثل : مِزْوَد ومِحْوَل ومِحْوَر " .
وقرأ الأعرج والضحاك بفتحِها ، والظاهر أنه لغةٌ في المكسورِها ، وهو مذهبُ ابن عباس ، فإنه فسَّره بالحَوْل وفسَّره غيرُه بالحيلة . وقال الزمخشري : " وقرأ الأعرج بفتح الميمِ على أنه مَفْعَل مِنْ حال يحولُ مَحالاً ، إذا احتال ، ومنه " اَحْوَلُ مِنْ ذئب " ، أي : أشدُّ حِيْلة ، ويجوز أن يكونَ المعنى : شديد الفَقار ، ويكون مَثَلاً في القوَّة والقدرة ، كما جاء " فساعِدُ اللهِ أشدُّ ، ومُوْساه أَحَدٌ " ، لأنَّ الحيوانَ إذا اشتدَّ مَحالُه كان منعوتاً بشدةِ القوةِ والاضطلاع بما يَعْجُزُ غيرُه ، ألا ترى إلى قولهم : " فَقَرَتْه الفاقِرة " وذلك أنَّ الفَقارَ عمودُ الظهرِ وقِوامُه " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.