فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ} (12)

{ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ( 12 ) }

ولما خوف سبحانه عباده بإنزال ما لا مرد له أتبعه بأمور ترجى من بعض الوجوه وتخاف من بعضها ، وهي البرق والسحاب والرعد والصاعقة ، وقد مر في أول البقرة تفسير هذه الألفاظ أسبابها فقال : { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ } هو لمعان يظهر من خلال السحاب .

وعن علي بن أبي طالب قال : البرق مخاريق من نار بأيدي ملائكة السحاب يزجرون به السحاب . وروي عن جماعة من السلف ما يوافق هذا ويخالفه .

{ خَوْفًا وَطَمَعًا } أي لتخافوا خوفا ولتطمعوا طمعا ، وقيل النصب على العلة بتقدير إرادة الخوف والطمع أو على الحالية من البرق أو من المخاطبين بتقدير ذوي خوف ، وقيل غير ذلك مما لا حاجة إليه ، قيل والمراد بالخوف هو الحاصل من الصواعق وبالطمع هو الحاصل بالمطر .

وقال الزجاج : الخوف للمسافر لما يتأذى به من المطر ، والطمع للحاضر لأنه إذا رأى البرق طمع في المطر الذي هو سبب الخصب ، قال قتادة : خوفا للمسافر يخاف أذاه ومشقته ، وطمعا للمقيم يطمع في رزق الله ويرجو بركة المطر ومنفعته وعن الحسن خوفا لأهل البحر وطمعا لأهل البر . وعن الضحاك قال : الخوف ما يخاف من الصواعق والطمع الغيث .

{ وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ } التعريف للجنس والواحدة سحابة والثقال جمع ثقيلة والسحاب الغيم المنسحب في الهواء ، والمراد أن الله سبحانه يجعل السحاب التي ينشئها ثقالا بما يجعله فيها من الماء .