فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ} (12)

لما خوّف سبحانه عباده بإنزال مالاً مرد له أتبعه بأمور ترجى من بعض الوجوه ، ويخاف من بعضها ، وهي البرق ، والسحاب ، والرعد ، والصاعقة ، وقد مر في أول البقرة تفسير هذه الألفاظ وأسبابها :

وقد اختلف في وجه انتصاب { خَوْفًا وَطَمَعًا } فقيل : على المصدرية ، أي : لتخافوا ولتطمعوا طمعاً ، وقيل : على العلة بتقدير إرادة الخوف والطمع ، لئلا يختلف فاعل الفعل المعلل وفاعل المفعول له ، أو على الحالية من البرق ، أو من المخاطبين بتقدير ذوي خوف . وقيل غير ذلك مما لا حاجة إليه . قيل : والمراد بالخوف هو الحاصل من الصواعق ، وبالطمع هو الحاصل في المطر ، وقال الزجاج : الخوف للمسافر لما يتأذى به من المطر ، والطمع للحاضر . لأنه إذا رأى البرق طمع في المطر ، الذي هو سبب الخصب { وَيُنْشِئ السحاب الثقال } التعريف للجنس ، والواحدة سحابة ، والثقال : جمع ثقيلة ، والمراد أن الله سبحانه يجعل السحاب التي ينشئها ثقالاً بما يجعله فيها من الماء .

/خ18