لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ} (12)

قوله عز وجل : { هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً } لما خوف الله عز وجل عباده بقوله : وإذا أراد الله بقوم سوءاً ذكر في هذه الآية من عظيم قدرته ما يشبه النعم من وجه يشبه العذاب من وجه ، فقال تعالى : هو الذي يعني هو الذي يريكم البرق والبرق معروف ، وهو لمعان يظهر من خلال السحاب وفي كونه خوفاً وطمعاً وجوه : الأول إن عند لمعان البرق يخاف من الصواعق ، ويطمع في نزول المطر . الثاني : أنه يخاف من البرق من يتضرر بالمطر كالمسافر ومن في جرينه يعني بيدره التمر والزبيب والقمح ونحو ذلك ، ويطمع فيه من له في نزول المطر نفع كالزارع ونحوه . الثالث : أن المطر يخاف منه إذا كان في غير مكانه وزمانه ، ويطمع فيه إذا كان في مكانه وزمانه فان من البلاد ما إذا أمطرت قحطت وإذا لم تمطر أخصبت { وينشئ السحاب الثقال } يعني المطر . يقال : أنشأ الله السحابة فنشأت أي أبداها فبدت والسحاب جمع سحابة ، والسحاب غربال الماء ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وقيل : السحاب الغيم فيه ماء أو لم يكن فيه ماء . ولهذا قيل : سحاب جهام وهو الخالي من الماء وأصل السحب الجر وسمي السحاب سحاباً إما لجر الريح له أو لجره الماء أو لانجراره في سيره .