قوله تعالى : { أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } . . ناصبٌ ومنصوبٌ ، وعلامةُ النصبِ حَذْفُ النونِ ، والأصلُ : في أَنْ ، فموضعُها نصبٌ أو جَرٌّ على ما عُرِفَ غيرَ مرةَ ، وعَدَّى " يؤمنوا " باللام لتضمُّنِه معنى أَنْ يُحْدِثوا الإِيمان لأجلِ دعوتِكم ، قاله الزمخشري وقد تقدَّم تحقيقُه .
قوله : { وَقَدْ كَانَ } الواو للحالِ . قالَ بعضُهم : " وعلامتُها أَنْ يَصْلُحَ موضعَها " إذ " والتقدير : أفتطمَعُون في إيمانِهم والحالُ أنهم كاذبون مُحَرِّفون لكلام الله تعالى . و " قد " مقربةٌ للماضي مِن الحال سَوَّغَتْ وقوعَه حالاً . و " يَسْمَعُون " خبراً كان ، و " منهم " في محلِّ رفع صفةً لفريقٍِ ، أي : فريقٌ كائنٌ منهم . وقال بعضُهم : { يَسْمَعُونَ } في محلِّ رفعٍ صفةً لفريق ، و " منهم " في محلِّ نصبٍ خبراً لكانَ ، وهذا ضعيفٌ . والفريق اسمُ جمعٍ لا واحدَ له مِن لفظِه كرهط وقوم ، وكان وما في حَيِّزها في محلِّ نصبٍ على ما تقدَّم . وقُرئ { كَلِمَ اللَّهِ } وهو اسمُ جنسٍ واحدهُ كلمة ، وفَرَّق النحاة بين الكلام والكَلِم ، بأنَّ الكلامَ شرطُه الإِفَادَةُ ، والكَلِمُ شَرْطُه التركيبُ من ثلاثٍ فصاعداً ، لأنه جَمْعٌ في المعنى ، وأقلُّ الجمعِ ثلاثةٌ ، فيكونَ بينهما عمومٌ وخُصوصٌ من وجهٍ ، وتحقيقُ هذا مذكورٌ في كتبِهم . وهل الكلامُ مصدرٌ أو اسمُ مصدر ؟ خلافٌ . والمادةُ تَدُلُّ على التأثير ، ومنه الكَلْمُ وهو الجرحُ ، والكلامُ يؤثِّر في المخاطب قال :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وجُرْحُ اللسانِ كجُرْحِ اليَدِ
ويُطْلَقُ الكلامُ لغةً على الخطِّ والإِشارةِ كقوله :
إذا كَلَّمَتْنِي بالعيونِ الفواتِرِ *** رَدَدْتُ عليها بالدموعِ البوادِرِ
إنَّ الكلامَ لفي الفؤادِ وإنما *** جُعِلَ اللسانُ على الفؤادِ دَلِيلا
قيل : ولم يُوْجَدْ هذا البيتُ في ديوان الأخطل ، وأمَّا عند النحويين فلا يُطْلَقُ إلا على اللفظِ المركَّب المفيدِ بالوَضْع .
قوله : { مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } متعلِّقٌ ب { يُحَرِّفُونَهُ } . والتحريفُ : الإِمالة والتحويلُ ، و " ثم " للتراخي : إمَّا في الزمانِ أو الرتبةِ ، و " ما " يجوز أن تكونَ موصولةً اسميةً أي : ثم يُحَرِّفون الكلامَ من بعدِ المعنى الذي فَهِموه وعَرفوه . ويجوزُ أن تكونَ مصدريةً والضميرُ في " عَلَقوه " يعودُ حينئذٍ على الكلامِ ، أي مِنْ بعدِ تَعَقُّلِهِم إياه . قوله : { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } جملةٌ حاليةٌ ، وفي العاملِ فيها قولان ، أحدهما : { عَقَلُوهُ } ، ولكنْ يلزَمُ منه أن تكونَ حالاً مؤكدةً ، لأنَّ معناها قد فُهِمَ مِنْ قولِه " عَلَقُوه " والثاني : وهو الظاهرُ ، أنه يُحَرِّفونه ، أي يُحَرِّفونه حَالَ عِلْمِهِم بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.