الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلِسُلَيۡمَٰنَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهۡرٞ وَرَوَاحُهَا شَهۡرٞۖ وَأَسَلۡنَا لَهُۥ عَيۡنَ ٱلۡقِطۡرِۖ وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن يَعۡمَلُ بَيۡنَ يَدَيۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَمَن يَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (12)

قوله : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ } : العامَّةُ على النصبِ بإضمارِ فعلٍ أي : وسَخَّرْنا لسليمانَ . / وأبو بكرٍ بالرفعِ على الابتداءِ ، والخبرُ في الجارِّ قبلَه أو محذوفٌ . وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ فاعلاً ، يعني بالجارِّ ، وليس بقويِّ لعدمِ اعتمادِه . وكان قد وافقه في الأنبياء غيرُه .

وقرأ العامَّةُ " الريحَ " بالإِفراد . والحسن وأبو حيوةَ وخالد بن إلياس " الرياحَ " جمعاً . وتقدَّم في الأنبياء أنَّ الحسنَ يقرأُ مع ذلك بالنصبِ ، وهنا لم يُنْقَلْ له ذلك .

قوله : " غُدُوُّها شَهْرٌ " مبتدأ وخبر . ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ أي : غُدُوُّها مَسيرةَ شهرٍ أو مقدارُ غدوِّها شهرٌ . ولو نُصِب لجازَ ، إلاَّ أنَّه لم يُقْرَأ به فيما علمْتُ .

وقرأ ابنُ أبي عبلةَ " غَدْوَتُها ورَوْحَتُها " على المَرَّةِ . والجملةُ : إمَّا مستأنفةٌ ، وإمَّا في محلِّ الحال .

قوله : " مَنْ يَعْمَلُ " يجوزُ أَنْ يكونَ مرفوعاً بالابتداء . وخبرُه في الجارِّ قبلَه أي : من الجنِّ مَنْ يعملُ ، وأنْ يكونَ في موضعِ نصبٍ بفعلٍ مقدرٍ أي : وسَخَّرْنا له مَنْ يعملُ . و " من الجنّ " يتعلقُ بهذا المقدرِ أو بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ أو بيانٌ . و " بإذن " حالٌ أي : مُيَسَّراً بإذنِ ربِّه . والإِذْنُ : مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه . وقُرِئ " ومَنْ يُزِغْ " بضمِّ الياءِ مِنْ أزاغَ ، ومفعولُه محذوفٌ أي : ومَنْ يُزغْ نفسَه أي : يُميلُها . و " مِنْ عذاب " : " مِنْ " لابتداء الغاية أو للتبعيض .