سال ، من سال الوادي والدمع : جرى لسرعة ما فيه من الماء والدمع .
القطر : النحاس ، وقيل : الفلز النحاس والحديد وما جرى مجراه .
{ ولسليمان الريح } ، قال الحسن : عقر سليمان الخيل على ما فوتته من صلاة العصر ، فأبدله الله خيراً منها ، وأسرع الريح تجري بأمره .
وقرأ الجمهور : الريح بالنصب ، أي ولسليمان سخرنا الريح ؛ وأبو بكر : بالرفع على الابتداء ، والخبر في المجرور ، ويكون الريح على حذف مضاف ، أي تسخير الريح ، أو على إضمار الخبر ، أي الريح مسخرة .
وقرأ الحسن ، وأبو حيوة ، وخالد بن الياس : الرياح ، بالرفع جمعاً .
وقال قتادة : كانت تقطع في الغدو إلى قرب الزوال مسيرة شهر ، وفي الرواح من بعد الزوال إلى الغروب مسيرة شهر .
وقال الحسن : فخرج من مستقره بالشام يريد تدمر التي بنتها الجن بالصفاح والعمد ، فيقيل في أصطخر ويروح منها فيبيت في كابل من أرض خراسان .
والغدو ليس الشهر هو على حذف مضاف ، أي جري غدوها ، أي جريها في الغدو مسيرة شهر ، وجري رواحها ، أي جريها في الرواح مسيرة شهر .
وأخبر هنا في الغدو عن الرواح بالزمان وهو شهر ، ويعني شهراً واحداً كاملاً ، ونصب شهر جائز ، ولكنه لم يقرأ به فيما أعلم .
وقرأ ابن أبي عبلة : غدوتها وروحتها على وزن فعلة ، وهي المرة الواحدة من غدا وراح .
وقال وهب : كان مستقر سليمان ، عليه السلام ، بتدمر ، وكانت الجن قد بنتها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأشقر ، وفيه يقول النابغة :
ألا سليمان قد قال الإله له *** قم في البرية فاصددها عن العبد
وجيش الجن إني قد أذنت لهم *** يبنون تدمر بالصفاح والعمد
ووجدت أبياتاً منقورة في صخرة بأرض يشكر شاهدة لبعض أصحاب سليمان ، عليه السلام ، وهي :
ونحن ولا حول سوى حول ربنا *** نروح من الأوطان من أرض تدمر
إذا نحن رحنا كان ريث رواحنا *** مسيرة شهر والغدو لآخر
أناس أعز الله طوعاً نفوسهم *** بنصر ابن داود النبي المطهر
لهم في معاني الدين فضل ورفعة *** وإن نسبوا يوماً فمن خير معشر
وإن ركبوا الريح المطيعة أسرعت *** مبادرة عن يسرها لم تقصر
تظلهم طير صفوف عليهم *** متى رفرفت من فوقهم لم تنشر
{ وأسلنا له عين القطر } : الظاهر أنه جعله له في معدنه عيناً تسيل كعيون الماء ، دلالة على نبوته .
قال قتادة : يستعملها فيما يريد .
وعن ابن عباس ومجاهد والسدي : أجريت له ثلاثة أيام بلياليهن ، وكانت بأرض اليمن .
قال مجاهد : سالت من صنعاء ، ولم يذب النحاس فيما روي لأحد قبله ، وكان لا يذوب .
وقالت فرقة : المعنى أذبنا له النحاس على نحو ما كان الحديد يلين لداود ، عليه السلام .
قالوا : وكانت الأعمال تتأتى منه ، وهو بارد دون نار ، وعين بمعنى الذات .
وقالوا : لم يكن أولاً ذاب لأحد قبله .
وقال الزمخشري : أراد بها معدن النحاس نبعاً له ، كما ألان الحديد لداود ، فنبع كما ينبع الماء من العين ، فلذلك سماه عين القطر باسم ما آل إليه ، كما قال : { إني أراني أعصر خمراً } انتهى ويحتمل { من يعمل } أن يكون في موضع نصب ، أي وسخرنا من الجن من يعمل ، وأن يكون في موضع رفع على الابتداء ، وخبره في الجار والمجرور قبله { بإذن ربه } لقوله : { ومن يزغ منهم عن أمرنا } .
وقرأ الجمهور : يزغ مضارع زاغ ، أي ومن يعدل عن أمرنا الذي أمرناه به من طاعة سليمان .
وقرىء : يزغ بضم الياء من أزاغ : أي ومن بمل ويصرف نفسه عن أمرنا .
{ وعذاب السعير } : عذاب الآخرة ، قاله ابن عباس .
وقال السدي : كان معه ملك بيده سوط من نار ، كلما استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجني .
ولبعض الباطنية ، أو من يشبههم ، تحريف في هذه الجمل .
إن تسبيح الجبال هو نوع قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } وإن تسخير الريح هو أنه راض الخيل وهي كالريح ، وإن { غدوها شهر } يكون فرسخاً ، لأن من يخرج للتفرج لا يسير في غالب الأمر أشد من فرسخ .
وإلانة الحديد وإسالة القطر هو استخراج ذوبهما بالنار واستعمال الآلات منهما .
{ ومن الجن } : هم ناس من بني آدم أقوياء شبهوا بهم في قواهم ، وهذا تأويل فاسد وخروج بالجملة عما يقوله أهل التفسير في الآية ، وتعجيز للقدرة الإلهية ، نعوذ بالله من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.